للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا بكّر الناعي بخير بني أسد... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد

وروى البخاري في أفراده عن أبي وائل شقيق بن سلمة-رضي الله عنه-قال: {الصَّمَدُ} هو السيد الذي انتهى سؤدده. وهي رواية عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: هو السيد الذي كمل فيه جميع أوصاف السؤدد. ومنه قول الشاعر: [البسيط]

علوته بحسام ثمّ قلت له... خذها حذيف فأنت السّيّد الصّمد

وبالجملة ف‍: {الصَّمَدُ} هو الباقي الدائم بعد فناء خلقه؛ الذي ليس فوقه أحد، وهو الذي لا تعتريه الآفات، ولا تغيره الأوقات، وهو الذي لا عيب فيه، وهو الأول الذي ليس له زوال، والآخر الذي ليس لملكه انتقال، الموصوف بما بعده.

{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} وذلك: أن مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الله. وقالت اليهود: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله. فكذبهم الله عز وجل جميعا، ونفى عن نفسه ما قالوا بقوله: {لَمْ يَلِدْ،} يعني كما ولد عيسى، وعزير، {وَلَمْ يُولَدْ} معناه: من ولد كان له والد، فنفى عنه إحاطة النسب من جميع الجهات، فهو الأول الذي لم يتقدمه والد كان عنه، وهو الآخر الذي لم يتأخر عنه ولد يكون عنه. هذا؛ والفعل {يَلِدْ} أصله: (يولد) فحذفت الواو لوقوعها ساكنة بين عدوتيها، وهما: الياء، والكسرة من مضارع الغائب، وتحذف من مضارع المخاطب، والمتكلم قياسا عليه، مثل: يعد، ويزن، ونحوهما.

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} أي: لم يكن له مكافئ، ولا مماثل، ولا مشابه في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله. هذا؛ ويقرأ (كفوا) بضم الفاء، وسكونها، مثل: العسر، واليسر في سورة (الشرح).

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: قال الله عز وجل: «كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إياي؛ فقوله: لن يعيدني كما بدأني.

وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأما شتمه إيّاي، فقوله: اتخذ الله ولدا. وأنا الأحد الصمد؛ الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد». أخرجه البخاري.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت». {هُوَ:} ضمير الشأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {اللهُ أَحَدٌ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول، هذا هو الإعراب المعتمد. وقال الجلال: {اللهُ:} خبر {هُوَ،} و {أَحَدٌ:} بدل منه، أو خبر ثان. وقال أبو البقاء الإعراب الأول، ثم قال: يجوز أن يكون {اللهُ:} خبر المبتدأ، و {أَحَدٌ:} بدل منه، أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون {اللهُ:}

بدلا من الضمير، و {أَحَدٌ:} الخبر، انتهى. وقال مكي: {اللهُ الصَّمَدُ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية مستأنفة، أو هي في محل رفع خبر ثان للضمير. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب،

<<  <  ج: ص:  >  >>