للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول راية ترفع لأهل الموقف يوم القيامة من رايات الكفار راية اليهود، تفضحهم على رءوس الأشهاد، ثمّ يؤمر بهم إلى النار؛ لأنهم افتروا المفتريات. {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ} أي:

جوزيت كل نفس بما عملت من خير، أو شرّ، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ. {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي: بنقص حسنة؛ إن كانت لهم حسنات، أو زيادة سيئة، والكفر أعظم السيئات، وأعظم الجرائم. وواو الجماعة عائدة إلى: {كُلُّ نَفْسٍ} على المعنى؛ لأنه في معنى كل إنسان. هذا؛ والتعبير بالماضي عن المستقبل؛ لتحقّق وقوعه.

هذا؛ و {جَمَعْناهُمْ} أي: لليهود، وللناس أجمعين. وهذا في الأعيان، ويقال: أجمع الأمر إذا عزم عليه، والأمر مجمع. ويقال أيضا: اجمع أمرك، ولا تدعه منتشرا. قال تعالى حكاية عن قوم فرعون، وأشياعه في سورة (طه) رقم [٦٤]: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} ولا يقال: أجمع أعوانه وشركاءه، وإنّما يقال: جمع أعوانه، وأصدقاءه. وهذا مبنيّ على قاعدة: «يقال: أجمع في المعاني، وجمع في الأعيان». هذا هو الأكثر، والمستعمل، وقد يستعمل كلّ واحد مكان الآخر، قال تعالى في سورة (طه): {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى}.

هذا؛ والمراد ب‍ (يوم) في هذه الآية يوم القيامة وما فيه من الحساب، والعذاب، والأهوال.

وقد ذكرا الله طوله في سورة (الحج) بقوله: {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ} رقم [٤٧]. هذا؛ واليوم في الدنيا: هو الوقت من طلوع الشّمس إلى غروبها، وهذا في العرف، وأما اليوم الشّرعي، فهو من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس. كما يطلق اليوم على اللّيل والنّهار معا، وقد يراد به الوقت مطلقا، تقول: ذخرتك لهذا اليوم، أي: لهذا الوقت، والجمع: أيّام، أصله أيوام، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وجمع الجمع: أياويم. وأيام العرب:

وقائعها، وحروبها، وأيام الله: نعمه، ونقمه. قال تعالى في سورة (يونس) رقم [١٠٢]: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ}. وقال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ} ويقال: فلان ابن الأيام، أي: العارف بأحوالها، ويقال: أنا ابن اليوم؛ أي: اعتبر حالي فيما أنا فيه. وخذ قوله تعالى في الآية رقم [١٤٠] الآتية: {وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ} وانظر شرح الليل، والنهار في الآية رقم [٢٧٤] من سورة (البقرة).

الإعراب: {فَكَيْفَ:} الفاء: حرف استئناف. (كيف): اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: كيف حالهم. أو هو في محل نصب حال، عامله محذوف، التقدير: كيف يصنعون، والجملة سواء أكانت اسمية، أم فعلية مستأنفة لا محلّ لها.

{إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل المقدر، أو هو متعلق بنفس المبتدأ الذي قدرناه. {جَمَعْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: {إِذا} إليها. {لِيَوْمٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. هذا، ومثل هذه الآية في إعرابها الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>