للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ} فهذا متصل بكلامهم السّابق؛ أي: ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم، والحكمة، والكتاب، والآيات من فلق البحر، وإنزال المنّ، والسلوى عليكم.

{أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ} أي: ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم؛ لأنّكم أصح دينا منهم. وقيل: ({أَوْ}) بمعنى: «حتى» كما قرئ: («إن») بكسر الهمزة، فيكون المعنى: ما أعطى الله أحدا من النعم مثل ما أعطيتم يا أمة محمّد من الدّين، والحجّة، والبرهان؛ حتى يحاجّوكم عند ربكم، فيكون من كلام الله، وليس حكاية عن قول اليهود، وهو في محل نصب مقول القول، أو هو مستأنف.

هذا؛ وقرأ ابن كثير: («آن») بالمدّ على الاستفهام، والتوبيخ، فيكون المعنى، والتقدير: ألأن يعطى أحد مثل ما أعطيتم يا معشر اليهود من الكتاب والحكمة، فتحسّونه، ولا تؤمنون به، فيكون كلّه من كلام الله تعالى، ثبّت به قلوب المؤمنين؛ لئلا يشكوا بسبب تلبيس اليهود، وتزويرهم في دينهم، فتكون الآية كلّها خطابا للمؤمنين عند تلبيس اليهود؛ لئلا يرتابوا، ولا يشكّوا.

{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} أي: الأمور كلّها تحت تصرّفه، وهو المعطي المانع، يمنّ على من يشاء بالإيمان، والعلم، والتصرّف التام، ويضلّ من يشاء، فيعمي بصره، وبصيرته، ويختم على قلبه، وسمعه، ويجعل على بصره غشاوة. وله الحجّة، والحكمة البالغة.

{وَاللهُ واسِعٌ:} يسع خلقه كلهم بالكفاية، والرزق، والجود، والعطاء، وهو واسع الفضل، والرحمة. وقيل: واسع القدرة، والعلم، والرزق. وقيل: هو الغني الّذي وسع جميع مخلوقاته غناه. {عَلِيمٌ} بأفعال عباده، ما يغيب عنه منها شيء، قال تعالى: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

الإعراب: ({لا}): ناهية جازمة. {تُؤْمِنُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍ ({لا}) وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلاّ:} حرف حصر. {لِمَنْ:}

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: اللام زائدة، و (من): مفعول به فهو مجرور لفظا منصوب محلاّ. وقيل: (من) منصوبة على الاستثناء على معنى: ولا تؤمنوا لأحد إلا من، وهي تحتمل الموصولة، والموصوفة. {تَبِعَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: (من) وهو العائد، أو الرابط، والجملة صلته، أو صفته. {دِينَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {وَلا تُؤْمِنُوا..}. إلخ معطوفة على جملة: {آمِنُوا} في الآية السابقة فهي محل نصب مقول القول مثلها.

{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره أنت. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْهُدى:}

اسمها. {هُدَى:} خبرها، وعلامة النصب في الأول وعلامة الرفع في الثاني مقدرتان على الألف للتعذر، و {هُدَى} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ معترضة، أو مستأنفة حسب ما رأيت في الشرح. {إِنَّ:} حرف مصدري، ونصب. {يُؤْتى:} فعل مضارع مبني للمجهول منصوب ب‍ {إِنَّ} وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {أَحَدٌ:} نائب فاعله، وهو المفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>