للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والأمانة عظيمة القدر في الدّين، ومن عظم قدرها: أنها تقوم هي، والرّحم على جنبتي الصراط-كما في صحيح مسلم-فلا يمكّن من الجواز إلا من حفظهما. وروى مسلم عن حذيفة-رضي الله عنه-قال: حدّثنا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن رفع الأمانة، قال: «ينام الرجل النّومة، فتقبض الأمانة من قلبه... إلخ» وهو مذكور بطوله في كتاب التّرغيب والترهيب. وانظر ما ذكرته في آخر سورة (الأحزاب) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، وخذ هنا ما يلي:

عن عمران بن حصين-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خير القرون قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يكون بعدهم قوم يشهدون، ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون، ولا يوفون، ويظهر فيهم السّمن». رواه البخاري، ومسلم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» رواه البخاريّ، ومسلم، ورواه أبو يعلى من حديث أنس-رضي الله عنه-قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ثلاث من كنّ فيه فهو منافق، وإن صام، وصلّى، وحجّ، واعتمر، وقال: إنّي مسلم».

وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنه-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربع من كنّ فيه؛ كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهنّ؛ كانت فيه خصلة من النّفاق حتّى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». رواه البخاريّ، ومسلم.

عن صعصعة بن يزيد: أن رجلا سأل ابن عباس-رضي الله عنهما-. فقال: إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمّة الدّجاجة، والشاة. قال ابن عباس: فتقولان ماذا؟ قال، نقول: ليس علينا بذلك بأس. قال: هذا كما قال أهل الكتاب: {لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}. إنّهم إذا أدّوا الجزية؛ لم تحلّ لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.

الإعراب: {وَمِنْ:} الواو: حرف استئناف. ({مِنْ أَهْلِ}): متعلقان بمحذوف خبر مقدّم، و {أَهْلِ:} مضاف، و {الْكِتابِ:} مضاف إليه. {مِنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذا الكلام، ولا أعتمده، وإنّما أعتمد ما أذكره في الآية رقم [١١٠] الآتية. {إِنْ:} حرف شرط جازم.

{تَأْمَنْهُ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت، والهاء مفعول به.

{بِدِينارٍ:} متعلقان بما قبلهما، والباء الجارة بمعنى: على، ومثله قول راشد بن عبد ربه السّلمي -رضي الله عنه، وهو الشاهد رقم [١٥٧]: من كتابنا فتح القريب المجيب، والشاهد رقم [٤٧٤] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الطويل]

أربّ يبول الثّعلبان برأسه؟ ... لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب

والجملة الفعلية: {تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ} لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {يُؤَدِّهِ:} جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>