يُرِيدُ... إلخ؛ أي: ليس بظالم لهم، بل هو الحاكم العدل؛ الّذي لا يجور؛ لأنّ القادر على كلّ شيء، العالم بكلّ شيء، لا يعجزه شيء، لذا فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدا من خلقه.
والالتفات ظاهر من التكلّم إلى الغيبة. انظر الالتفات في الآية رقم [٥٦].
هذا و (العالمين) جمع: عالم بفتح اللام، وجمع؛ لاختلاف أنواعه، وهو جواب عمّا يقال:
إنّه اسم جنس يصدق على ما سوى الله، والجمع لا بدّ أن يكون له أفراد ثلاثة، فأكثر. وجمع بالياء والنون، كما يجمع بالواو والنون تغليبا للعقلاء على غيرهم، وهو يقال لكلّ ما سوى الله، ويدلّ له قوله تعالى حكاية عن قول «موسى» -على نبينا، وعليه أفضل الصلاة، وأتم التّسليم-لمّا قال له فرعون: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ}. هذا والعوالم كثيرة لا تحصيها الأرقام، وهي منتشرة في هذا الكون المترامي الأطراف في البرّ والبحر؛ إذ كلّ جنس من المخلوقات يقال له: عالم، قال تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ} ولا واحد له من لفظه مثل: معشر، ورهط، وقال مقاتل-رحمه الله تعالى-: العالمون ثمانون ألف عالم، أربعون ألف عالم في البرّ، وأربعون ألف عالم في البحر. انتهى. وجمع جمع المذكّر السالم، وذلك بتغليب من يعقل على ما لا يعقل. والعالم مشتق من العلامة؛ لأنه دالّ على وجود خالقه، وصانعه، وعلى وحدانيته، جلّ، وعلا، كما قال أبو العتاهية: [المتقارب]
فيا عجبا كيف يعصى الإل... هـ أم كيف يجحده الجاحد؟
وفي كلّ شيء له آية... تدلّ على أنّه واحد
الإعراب: {تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محلّ له. {آياتُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه.
{نَتْلُوها:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الواو للثقل، والفاعل مستتر تقديره: نحن، و (ها) مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من: {آياتُ اللهِ} والعامل في الحال اسم الإشارة على حدّ قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}. {عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {بِالْحَقِّ:} متعلّقان بمحذوف حال من الفاعل، أو من المفعول، وهذا يعني: أنّها حال متداخلة.
{وَمَا:} الواو: حرف استئناف. ({مَا}): نافية حجازية تعمل عمل «ليس». {اللهِ:} اسمها.
{يُرِيدُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهِ}. {ظُلْماً:} مفعول به. {لِلْعالَمِينَ:} متعلقان ب {ظُلْماً} أو بمحذوف صفة له. هذا؛ ونقل الجمل عن السّمين اعتبار اللام زائدة، لا تعلّق لها بشيء، زيدت في مفعول المصدر تقوية له، وأنّ فاعل المصدر محذوف، التقدير: وما الله يريد أن يظلم العالمين، فزيدت اللام تقوية للعامل؛ لكونه فرعا في العمل، كقوله تعالى: {فَعّالٌ لِما يُرِيدُ}. انتهى بحروفه. هذا؛ والجملة الفعلية في محل نصب خبر ({مَا}) أو في محل رفع خبر