للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ} أي: ولكنّ الله يصطفي، ويختار من رسله من يشاء، فيطلعه على ما يشاء من غيبه. {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ:} يقال: إنّ الكفّار لمّا سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يبيّن لهم من يؤمن منهم، فأنزل الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} يعني: لا تشتغلوا بما لا يعنيكم، واشتغلوا بما يعنيكم، وهو الإيمان، والعمل الصالح، ولا تتشوّفوا إلى اطلاع علم الغيب، فهو ليس لكم، وإنّما قال: {وَرُسُلِهِ} على الجمع، لقوله جلّ ذكره: ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء، ولأنّ من أقر بجميع الرّسل؛ كان مقرّا؛ ومعترفا بأحدهم بداهة، وهذه صفة المؤمنين؛ لأنّهم آمنوا بجميع الرّسل.

{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا} أي: وإن تصدّقوا من اجتبيته برسالتي، وأطلعته على ما أشاء من غيبي، وأعلمته بالمنافق منكم، والمؤمن المخلص، وتتّقوا ربّكم فيما أمركم به، ونهاكم عنه.

{فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي: بإيمانكم، وطاعتكم لربّكم.

يروى: أنّ رجلا منجّما كان عند الحجّاج، فأخذ الحجاج حصيات عرف عدّتها، فقال للمنجّم: كم في يدي؟ فحسب المنجّم، فأصاب، فأغفله الحجّاج، وأخذ حصيات لم يعدّهنّ، فقال للمنجم: كم في يدي؟ فحسب، فأخطأ، ثمّ حسب، فأخطأ، فقال: أيّها الأمير أظنّك لا تعرف عدد ما في يدك؟ قال: لا، قال: فما الفرق بينهما؟ فقال: إنّ ذاك أحصيته، فخرج عن حدّ الغيب، فحسبت، فأصبت، وإن هذا لم تعرف عددها، فصار غيبا، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.

الإعراب: {ما كانَ:} {ما:} نافية. {كانَ:} فعل ماض ناقص. {اللهُ:} اسمها.

{لِيَذَرَ:} فعل مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام الجحود، والفاعل يعود إلى: {اللهُ} و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جرّ باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر: {كانَ} إذ المعنى: ما كان الله مريدا ترك المؤمنين. {الْمُؤْمِنِينَ:}

مفعول به منصوب... إلخ. {عَلى ما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: (يذر) و {ما} تحتمل الموصولة، والموصوفة. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية صلة: {ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط الضمير المجرور ب‍ {عَلى}.

{حَتّى:} حرف غاية وجر. {يَمِيزَ:} فعل مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد: {حَتّى} والفاعل يعود إلى {اللهُ،} و «أن» المضمرة بعد: {حَتّى} والفعل: {يَمِيزَ} في تأويل مصدر في محل جر ب‍ {حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بالفعل: (يذر). {الْخَبِيثَ:} مفعول به. {مِنَ الطَّيِّبِ:} متعلقان بالفعل {يَمِيزَ} أو بمحذوف حال من: {الْخَبِيثَ}. {وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ:} إعراب هذا الكلام مثل إعراب سابقه بلا فارق.

<<  <  ج: ص:  >  >>