لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. والرسول صلّى الله عليه وسلّم حثّ على صلة الأرحام، وحذّر من قطعها، وخذ ما يلي:
فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحبّ أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه». أخرجه البخاري، ومسلم. وعن عائشة-رضي الله عنها-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«الرّحم متعلّقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله». رواه البخاريّ، ومسلم. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إنّ الله خلق الخلق حتّى إذا فرغ منهم؛ قامت الرّحم، فقالت: هذا مقام العائد بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى! قال: فذاك لك، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اقرءوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ»}. رواه البخاريّ، ومسلم.
قال المرحوم سليمان الجمل: ومعلوم: أنّ (كان) في القرآن الكريم على أوجه: بمعنى الأزل، والأبد، وبمعنى المضي المنقطع، وهو الأصل في معناها، وبمعنى الحال، وبمعنى الاستقبال، وبمعنى:«صار» وبمعنى: «ينبغي» وبمعنى: «حضر» أو «وجد» أو «حصل» وترد للتأكيد، وهي الزائدة. انتهى نقلا عن كرخي، ولو قلنا: إنّ «كان» من أفعال الاستمرار، ومعنى:
{إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} كان، ولم يزل كائنا إلى يوم القيامة، وإلى أبد الآبدين في الدّنيا، والآخرة لكان كافيا وافيا.
الإعراب:({يا}): حرف نداء ينوب مناب «أدعو» أو أنادي. ({أَيُّهَا}): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب ({يا}) وها: حرف تنبيه لا محلّ لها، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يقال: ضمير في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى.
{النّاسُ} بعضهم يعرب هذا، وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أن الاسم الواقع بعد «أيّ» واسم الإشارة إن كان مشتقّا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا؛ فهو بدل، أو عطف بيان، والمتبوع، أعني:(أيّ) منصوب محلاّ، وكذا التابع أعني:({النّاسُ}) فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدّرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللّفظية، وإنّما أتبعت ضمة البناء مع أنّها لا تتبع؛ لأنها وإن كانت ضمّة بناء؛ لكنّها عارضة، فأشبهت ضمة الإعراب، فلذا جاز إتباعها. أفاده الصبّان؛ لأنه قال: والمتجه وفاقا لبعضهم: أن ضمة التابع إتباع، لا إعراب، ولا بناء. وقيل: إنّ رفع التابع المذكور إعراب، واستشكل بعدم المقتضي للرّفع، وأجيب بأنّ العامل يقدّر من لفظ عامل المتبوع مبنيّا للمجهول، نحو:«يدعى» وهو مع ما فيه من التكلّف يؤدّي إلى قطع المتبوع. وقيل: إن رفع التابع المذكور بناء؛ لأنّ المنادى في الحقيقة هو المحلّى بال، ولكن لمّا لم يمكن إدخال حرف النداء عليه؛ توصّلوا إلى