سفل؛ ذكرا كان، أو أنثى. منكم، أو من غيركم. أما بنو البنت وإن سفلت؛ فلا حظّ لهم في الميراث؛ لأنّهم من الأرحام. {فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ} ممّا ذكر؛ {فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ} فالولد منها يحجب الزّوج من النّصف إلى الرّبع، سواء أكان منه، أو من غيره.
{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} من الزوجة، أو من غيرها، فالولد يحجبها من الرّبع إلى الثّمن، فقد فرض الله للرّجل بسبب الزواج ضعف ما للمرأة، كما في النسب. وهكذا قياس كل رجل، وامرأة اشتركا في الجهة، والقرب، ولا يستثنى منه إلا أولاد الأم، كما ستعرفه، فإنّهم شركاء في القسمة سواء. وينبغي أن تعلم أنّ الزوجة الواحدة، والاثنتين، والثّلاث، والأربع شركاء في الرّبع، أو في الثّمن. وينبغي أن تعلم: أنّ الثّلث، والسّدس، والرّبع، والثّمن تقرأ بضم أولها، وأوساطها، كما تقرأ بضم أولها وسكون أوساطها.
والأولى هي اللّغة الجيدة، والإسكان لغة. قال عيسى بن عمر-رحمه الله تعالى-كلّ اسم من ثلاثة أحرف أوّله مضموم، يجوز ضمّ ثانيه، وسكونه، وذلك مثل: عسر، ويسر... إلخ.
{وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً..}. إلخ: الكلالة: هو الذي ليس له ولد، ولا والد، رجلا كان، أو امرأة، فإن مات أحدهما على هذه الصّفة، وله أخ، أو أخت من الأم، فلأحدهما عند انفراده السّدس من ورثة الميت، فإن كانوا اثنين، فأكثر يأخذون الثلث، ويقتسمونه بالسّويّة بدون تفضيل الذّكر على الأنثى، فقد سوّى الله بينهما؛ لأنّ الإدلاء بمحض الأنوثة. وتفسير الكلالة بهذا هو المعتمد. وقيل: الكلالة: الورثة. وقيل: المال الموروث. وقيل: الإرث. وقيل:
القرابة. هذا؛ واشتقاقها من الكلال، وهو ذهاب القوّة من الإعياء، فكأنّ الميراث يصير للوارث بعد إعياء، وذلك لعدم أصول، وفروع للميت، وانظر الآية الأخيرة من هذه السّورة، وخذ هنا قول الأعشى من قصيدته؛ الّتي مدح بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:[الطويل]
فآليت لا أرثي لها من كلالة... ولا من وجى حتّى تلاقي محمّدا
ومنه قوله أيضا:[الطويل]
إليك أبيت اللّعن كان كلالها... إلى الماجد القرم الجواد المحمّد
{غَيْرَ مُضَارٍّ} أي: غير مضارّ لورثته بالزيادة على الثلث، أو قصد المضارّة بالوصية دون القرابة، والإقرار بدين لا يلزمه لأجنبيّ، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
قال:«إنّ الرّجل ليعمل، أو المرأة بطاعة الله ستّين سنة، ثمّ يحضرهما الموت، فيضارّان في الوصيّة، فتجب لهما النّار». ثمّ قرأ أبو هريرة-رضي الله عنه-: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} حتّى بلغ: {وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. رواه أبو داود، والترمذي. هذا؛ وقيل: إنّ الإضرار في الوصية من الكبائر؛ لأنّ مخالفة أمر الله-عز وجل-كبيرة، وقد نهى الله