الملائكة: وعزّتك وجلالك ما رأينا إلاّ خيرا، فيقول الله عزّ وجلّ: إنّ هذا كان لغير وجهي، وإنّي لا أقبل إلاّ ما ابتغي به وجهي». رواه الطبرانيّ، والبيهقيّ، والبزّار.
وعن محمود بن لبيد-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشّرك الأصغر!» قالوا: وما الشّرك الأصغر يا رسول الله؟! قال:«الرّياء، يقول الله عزّ وجلّ إذا جزى النّاس بأعمالهم: اذهبوا إلى الّذين كنتم تراءون في الدّنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!». رواه الإمام أحمد، والبيهقي. وانظر ما ذكرته في آخر سورة (الكهف) فإنّه جيد، والحمد لله، وانظر «الإخلاص» في سورة (الزّمر) رقم [١١].
{وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} أي: وأحسنوا بالوالدين، والإحسان إلى الأبوين يعرفه كلّ واحد من الناس بفطرته، وهو أن يقوم المرء بخدمتهما، ولا يرفع صوته عليهما بقدر سعته. نعم إنّ البر بالوالدين أمر عظيم حثّ عليه الشّرع، واستحسنه الذّوق، والطّبع، ولكنّهما كما تعلم ليسا في الدّرجة سواء، فإنّ الأمّ قد كابدت في سبيلك، وتعبت أكثر من تعب الأب، وجهاده أضعافا مضاعفة، فهي التي تحمّلت المشقّات، فحملتك في بطنها تسعة أشهر، وهي التي كادت تنزل إلى قبرها حينما ولدتك، ثمّ بعد ذلك هي التي وضعت نفسها تحت تصرفك في ليلك ونهارك، تقوم إذا تحرّكت، وتنزعج إذا بكيت، وكم أصابها المرض، وأعياها السهر، وأضناها البكاء من أجلك، كلّ ذلك في سبيل تربيتك، وتأمين راحتك، وأنت لا تعلم من ذلك شيئا، ولذا جاء التنبيه عليها في سورة (لقمان) رقم [١٤]، وفي سورة (الأحقاف) رقم [١٥] وخذ هنا قول القائل بالإضافة لما ذكرته في سورة (الإسراء) رقم [٢٣ و ٢٤]: [الطويل]
لأمّك حقّ لو علمت كبير... كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي... لها من جواها أنّة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقّة... فمن غصص منها الفؤاد يطير
فدونك فارغب في عميم دعائها... فأنت لما تدعو إليه فقير
{وَبِذِي الْقُرْبى} أي: القرابات من جهة الأب، ومن جهة الأم، وهم الأرحام، فقد أمرنا الله ورسوله بالإحسان إليهم وصلتهم، فعن أنس-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحبّ أن يبسط له في رزقه، وينسّأ له في أثره؛ فليصل رحمه». رواه البخاريّ، ومسلم.
وعن عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قال الله عزّ وجلّ: أنا الله، وأنا الرّحمن خلقت الرّحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها؛ وصلته، ومن قطعها؛ قطعته». رواه أبو داود، والترمذيّ.