السّفر. قال القرطبيّ: وأسند الطبريّ: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان معه رجل من أصحابه، وهما على راحلتين، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غيضة، فقطع قضيبين، أحدهما معوجّ، فخرج، وأعطى لصاحبه القويم، فقال: كنت يا رسول الله أحقّ بهذا! فقال: «كلاّ يا فلان إنّ كلّ صاحب يصحب آخر فإنّه مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار».
{وَابْنِ السَّبِيلِ:} فعن ابن عباس، وجماعة: هو الضعيف. وقال مجاهد: هو الذي يمر عليك مجتازا في السفر. وهذا أظهر، وإن كان مراد القائل بالضّعيف: المارّ في الطريق، فهما سواء، فعن أبي شريح خويلد بن عمرو-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، وضيافته ثلاثة أيّام، فما كان بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحلّ له أن يثوي عنده؛ حتّى يحرجه» رواه مالك، والخمسة ما عدا النّسائي.
{وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ:} أمر الله بالإحسان إلى المماليك. عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كفى بالمرء إثما أن يحبس عمّن يملك قوتهم». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«للمملوك طعامه، وكسوته، ولا يكلّف من العمل إلاّ ما يطيق». أخرجه مسلم. وعن أبي ذرّ-رضي الله عنه-عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:«هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم، فأعينوهم». أخرجاه في الصّحيحين.
هذا؛ وذكرت في سورة (النور) رقم [٣٣] كلمة حول ما يطعن به المستشرقون، والملحدون من أبناء المسلمين في الإسلام، وينعتونه بالقسوة، وبأنّه عمل على تكديس الرّق. انظرها تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ:} حب الله للعبد: رحمته، وغفرانه، ورضوانه. وعدم محبّته: غضبه، وسخطه، وانتقامه. {مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً:} المختال: المتكبّر، العظيم في نفسه؛ الذي لا يقوم بحقوق الناس، والفخور على عباد الله بما أعطاه الله من نعمه، ولا يشكره عليها. وإنّما ختم الله هذه الآية بهذين الوصفين المذمومين؛ لأنّ المختال الفخور يأنف من أقاربه الفقراء، ومن جيرانه الضّعفاء، فلا يحسن إليهم، ولا يلوي بنظره عليهم؛ ولأنّ المختال هو المتكبّر، ومن كان متكبرا؛ فلا يقوم بحقوق الناس. وخذ ما يلي:
عن ابن عمر-رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا ينظر الله تعالى يوم القيامة إلى من جرّ ثوبه خيلاء». متفق عليه. وعنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من تعظّم في نفسه، أو اختال في مشيته؛ لقي الله-تبارك، وتعالى-وهو عليه غضبان». رواه الطبرانيّ في الكبير، والحاكم بنحوه. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بينما رجل يمشي