للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقصّة أصحاب السبت كانت في زمن داود-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-بقرية، يقال لها: أيلة على شاطئ البحر الأحمر، وتدعى اليوم: إيلات، وهي مرفأ هام لليهود على البحر الأحمر، يروى: أنّ الله تعالى اختار لهم يوم الجمعة؛ ليكون يوم راحة، وعبادة، ونظافة، وغير ذلك، فأبوا، وقالوا: فرغ ربّنا من خلق السموات والأرض يوم الجمعة، واستراح يوم السّبت، فنحن نختاره، ولذلك، شدّد الله عليهم بأن حرّم عليهم أيّ عمل دنيويّ ما عدا العبادة، والنظافة، وأمثالها، وكانت معيشة أهل تلك القرية من صيد الأسماك، لا مورد لهم غيرهم، فابتلاهم الله، أي: اختبرهم، فما كان يبقى حوت في البحر إلا أخرج خرطومه يوم السّبت، وأقبل نحوهم، فإذا مضى يوم السّبت؛ ذهبت الحيتان في أعماق البحر، فلم يتمكّنوا من الصّيد طوال أيام الأسبوع. كما قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٦٣]: {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ}.

فظهر لهم الشّيطان، وقال لهم: احفروا حياضا قرب البحر، وافتحوا جداول بينها وبين البحر، فكانت الحيتان تدخل الحياض يوم السّبت، ويصطادونها يوم الأحد، فنهاهم نبيّهم عن فعلهم هذا، فصاروا ثلاث فرق، وكانوا سبعين ألفا: فرقة أمسكت، ونهت، وفرقة أمسكت، ولم تنه، وفرقة اصطادت، واعتدت، فهذه هي الّتي مسخت قردة لهم أذناب يتعاوون. وقيل: مسخ الشباب قردة، والشيوخ خنازير، فمكثوا ثلاثة أيام فقط، ثم هلكوا، ولم يأكلوا، ولم يشربوا، ولم يتوالدوا، ونجت الفرقتان الأخريان: النّاهية، والسّاكتة عن النّهي. وقيل: هلكت أيضا.

ويقال: إنّ النّاهين قالوا: لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار، فأصبح النّاهون ذات يوم في مجالسهم، ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إنّ للنّاس لشأنا، فعلوا الجدار، فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الأبواب ودخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابهم من الإنس، ولا يعرف الإنس أنسابهم من القردة، فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس، فتشمّ ثيابه، وتبكي، فيقول لهم: ألم ننهكم؟ فتقول القردة برأسها: نعم، وانظر تفصيل ذلك في سورة (الأعراف).

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لم يعش مسخ قطّ فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل، ولم يشرب، ولم ينسل، قال ابن عطيّة رحمه الله تعالى: وروي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وثبت: أنّ الممسوخ لا ينسل، ولا يأكل، ولا يشرب، ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، أمّا قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لبني قريظة، ولبني النّضير: «يا أحفاد القردة» لم يرد به إلاّ التّقريع، والتوبيخ.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ:} انظر الآية رقم [٢٩]: {أُوتُوا:} فعل ماض مبني للمجهول، مبني على الضمّ، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {الْكِتابَ:} مفعول به ثان. {آمِنُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون،

<<  <  ج: ص:  >  >>