للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدن، وجنّة النّعيم، ودار الخلد، ودار المقامة، ودار السّلام، وجنّة المأوى، وعليّون. وفي كلّ منها مراتب، ودرجات متفاوتة على حسب درجات الأعمال، والعمّال.

{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أي: من تحت قصورها، وأشجارها، ولم يجر لهما ذكر؛ لأنّ الجنّات دالة عليهما، والأنهار لا تجري، وإنّما يجري الماء فيها، فهو من تسمية الشيء باسم محلّه، ويسمّى مجازا مرسلا، وهو كثير في كتاب الله تعالى، مثل قوله تعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ} أي:

أمر ربك. {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهلها، وقال الشّاعر: [الكامل]

نبّئت أنّ النّار بعدك أوقدت... واستبّ بعدك يا كليب المجلس

أي: استبّ أهل المجلس. و {الْأَنْهارُ} جمع: نهر، وهو معروف في الدّنيا، ولكن شتان ما بين أنهار الجنّة، وأنهار الدّنيا. هذا؛ ويجمع النّهر على أنهر، ونهر، وأنهار، وهاء «النّهر» تفتح، وتسكن. هذا؛ ويروى: أنّ أنهار الجنّة ليست في أخاديد، إنّما تجري على أرض الجنّة منضبطة بالقدرة حيث شاء أهلها.

{خالِدِينَ فِيها:} ماكثين مقيمين لا يبرحون منها. {أَبَداً:} هو الزّمان الطّويل. الّذي ليس له حدّ، فإذا قلت: لا أكلمك أبدا، فالأبد من وقت التكلّم إلى آخر العمر. وانظر الآية رقم [١٢٢] الآتية. {لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ} أي: ولهم في الجنّة زوجات من الحور العين، مطهّرات من الأقذار، والأدناس الحسّيّة، والمعنويّة، فالحسية مثل: الحيض، والنّفاس، والبول، والغائط، والنّخام... إلخ، والمعنوية مثل: سوء الخلق، وعدم الانصياع لأوامر الأزواج، وإيذاء الأزواج، وكذلك نساء الدّنيا المؤمنات يكنّ يوم القيامة أجمل من الحور العين، كما قال تعالى في سورة الواقعة: {إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً}. هذا؛ ولكلّ واحد من أهل الجنة زوجتان من نساء الدّنيا، وعدد من الحور العين على حسب درجته، ومكانته عند الله. هذا و {أَزْواجٌ} جمع: زوج، وهو يطلق على الرّجل، والمرأة، والقرينة تبين الذّكر، والأنثى، ويقال لها أيضا: زوجة، وحذف التاء أفضل إلا في الفرائض، فإنّها بالتاء أفصح لتوضيح الوارث، وقال الأصمعي-رحمه الله تعالى-: ولا تكاد العرب تقول: زوجة. وحكى الفرّاء: أنّه يقال:

زوجة، وأنشد للفرزدق: [الطويل]

وإنّ الّذي يسعى ليفسد زوجتي... كساع إلى أسد الشّرى يستبيلها

وقال عمّار بن ياسر-رضي الله عنهما-في عائشة-رضي الله عنها-: والله إنّي لأعلم أنّها زوجة نبيكم في الدّنيا، والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم؛ لتتّبعوه، أو إيّاها. ذكره البخاريّ. وعن أنس -رضي الله عنه-: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل، فدعاه، فقال: «يا فلان! هذه فلانة زوجتي» فقال: يا رسول الله! من كنت أظنّ به، فلم أكن أظنّ بك! فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الشّيطان

<<  <  ج: ص:  >  >>