للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجري من الإنسان مجرى الدّم». أخرجه مسلم، والمحفوظ: أنّ ذلك كان ليلا. وأنّ الرجل كان الزّبير بن العوّام-رضي الله عنه-، وأنّ المرأة كانت سودة بنت زمعة-رضي الله عنها-.

هذا والزوج: القرين، قال تعالى في سورة (الصافات) رقم [٢٢]. {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ} أي: وقرناءهم، والزّوج ضد الفرد، وكلّ واحد منهما يسمّى زوجا أيضا، يقال للاثنين: هما زوجان، وهما زوج، كما يقال: هما سيّان، وهما سواء، وقال تعالى في سورة (هود): {اِحْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: من كلّ نوع ذكرا، وأنثى، وقال تعالى في سورة (الأنعام): {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ..}. إلخ. والمعنى: ثمانية أفراد، والزّوج الصّنف، والنّوع، قال تعالى في سورة (لقمان): {وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: صنف من النّبات، ومثلها في سورة الحجّ رقم [٥].

{وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً} أي: دائما مستمرا، لا تنسخه شمس، ولا يؤذيهم فيه حرّ، ولا برد.

قال الخازن-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: إذا لم يكن في الجنّة شمس يؤذي حرّها، فما فائدة وصفها بالظلّ الظّليل؟ قلت: إنّما خاطبهم بما يعقلون، ويعرفون، وذلك لأنّ بلاد العرب في غاية الحرارة، فكان الظلّ عندهم من أعظم أسباب الرّاحة، واللّذاذة، فهو كقوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا} انتهى. هذا؛ وقال تعالى في سورة (الواقعة): {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} وقال في سورة (الرّعد): {أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها} وقال جلّ شأنه في سورة (المرسلات): {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ}. انظر شرح هذه الآيات في محالّها تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

تنبيه: لمّا ذكر الله تعالى في الآية السابقة الكافرين، وما أعدّ لهم من العذاب الأليم، والعقاب الشّديد؛ ذكر في هذه الآية المؤمنين الصّادقين، وما أعدّ لهم من النّعيم المقيم في جنّات النّعيم، وتلك سنّة الله في كتابه الكريم، حيث اقتضت حكمته تعالى ورحمته، فلا يذكر التّصديق من المؤمنين، إلا ويذكر التّكذيب من الكافرين، ولا يذكر الإيمان، إلا ويذكر الكفر، ولا يذكر الجنّة إلا ويذكر النّار، ولا يذكر الرّحمة إلا ويذكر الغضب، والسخط؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، راجيا خائفا.

تنبيه: ذكر الله في الآية السابقة الكفر، ولم يتبعه بشيء؛ بينما ذكر الإيمان في هذه الآية، وأتبعه بذكر العمل الصّالح، وهذا يلاحظ في الآيات القرآنيّة الكثيرة، ممّا يدل على أنّ العمل الصالح قرين الإيمان، وقد لا يجدي الإيمان بدون عمل، وهو ما أفاده قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:

«الإيمان، والعمل قرينان، لا يقبل الله أحدهما بدون صاحبه». كما أنّ الإيمان مشروط لقبول العمل الصّالح، ويسمّى مثل هذا في علم المعاني احتراسا، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. ({الَّذِينَ}): اسم موصول مبني على الفتح في محلّ نصب معطوف على اسم (إنّ)، أو هو في محل رفع معطوف على محلّه، أو في محل رفع مبتدأ،

<<  <  ج: ص:  >  >>