هذا؛ و (نعم) فعل ماض جامد لإنشاء المدح، و (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذّمّ، قال في المختار:«نعم» منقول من نعم فلان بفتح النون، وكسر العين: إذا أصاب النّعمة. وبئس فلان بفتح الباء، وكسر الهمزة: إذا أصاب بؤسا، فنقلا إلى المدح، والذم، فشابها الحروف، فلم يتصرفا، وفيهما أربع لغات: نعم، وبئس بكسر فسكون، وهي أفصحنّ، ثمّ نعم بئس بكسر أولهما وثانيهما، غير أنّ الغالب في (نعم) أن يتصل بها «ما» كما في الآية التي نحن بصدد شرحها، وكما في قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٧١]: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ} وبئس اتصلت بها «ما» على اللغة الفصحى، كما في قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٩٠]:
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} والآية رقم [٩٣] منها أيضا: {بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ} والآية رقم [١٥٠] من سورة (الأعراف): {بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي..}. إلخ، واللغة الثالثة: نعم وبأس بفتح وسكون، والرابعة: نعم وبئس بفتح وكسر، وهي الأصل فيهما، ولا بدّ لهما من شيئين: فاعل، ومخصوص بالمدح، أو بالذمّ، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز]
فعلان غير متصرّفين... نعم وبئس رافعان اسمين
مقارني ال أو مضافين لما... قارنها كنعم عقبى الكرما
ويرفعان مضمرا يفسّره... مميّز كنعم قوما معشره
والقول بفعليتهما إنما هو قول البصريين، والكسائي، بدليل دخول تاء التأنيث عليهما في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من توضّأ يوم الجمعة فبها، ونعمت، ومن اغتسل؛ فالغسل أفضل». وقال الكوفيّون: هما اسمان بدليل دخول حرف الجر عليهما في قول أعرابيّ؛ وقد أخبر بأنّ امرأته ولدت بنتا: والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرّها سرقة. وقول آخر: نعم السّير على بئس العير. وتأوّله البصريّون على حذف كلام مقدّر، والتقدير: والله ما هي بولد مقول فيه: نعم الولد، ونعم السّير على عير مقول فيه: بئس العير. والمعتمد في ذلك قول البصريين.
هذا؛ ويجب في فاعلهما أن يكون مقترنا بال، أو مضافا لمقترن بها، أو ضميرا مميزا بنكرة، أو كلمة «ما»؛ فالأول: كما في قوله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}. والثاني: نحو قوله تعالى: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ}. والثالث: مثل قوله تعالى: {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً}. والرابع: كما في الآية التي بين أيدينا. وهذا شرح لأبيات ابن مالك.
الإعراب:{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَأْمُرُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهَ،} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:{إِنَّ،} والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة لا محلّ لها على الاعتبارين. {إِنَّ:} حرف مصدري ونصب.
{تُؤَدُّوا:} فعل مضارع منصوب ب {إِنَّ،} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة،