للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أطاعني؛ فقد أطاع الله.

ومن عصاني؛ فقد عصى الله. ومن يطع الأمير؛ فقد أطاعني. ومن يعص الأمير؛ فقد عصاني».

متفق عليه.

وعن أنس-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اسمعوا، وأطيعوا، وإن أمّر عليكم عبد حبشيّ، كأنّ رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله». رواه البخاريّ.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: «أوصاني خليلي صلّى الله عليه وسلّم أن أسمع، وأطيع، وإن كان عبدا حبشيّا مجدوع الأطراف». رواه مسلم، رحمه الله تعالى!.

وورد في بعض الكتب المنزلة: يقول الله-عزّ وجل-: «أنا الله ملك الملوك، ومالك الملك، قلوب الملوك، ونواصيهم بيدي، فإن العباد أطاعوني؛ جعلتهم عليهم رحمة، وإن هم عصوني؛ جعلتهم عليهم عقوبة، فلا تشتغلوا بسبّ الملوك، ولكن توبوا إليّ أعطّفهم عليكم».

وهو معنى قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «كما تكونوا يولّ عليكم».

هذا؛ وقال العلماء: طاعة الإمام واجبة على الرّعية ما دام على الطّاعة، فإذا زال عن الكتاب، والسنة؛ فلا طاعة له، وإنّما طاعته فيما وافق الحقّ. وقال عليّ-رضي الله عنه-: حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، ويؤدّي الأمانة، فإذا فعل ذلك؛ فحقّ على الرّعية أن يسمعوا، ويطيعوا. وعن ابن عمر-رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «على المرء المسلم السّمع والطّاعة فيما أحبّ أو كره إلاّ أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية؛ فلا سمع، ولا طاعة». رواه أبو داود. هذا؛ وفي قوله تعالى: {مِنْكُمْ} إيحاء على أنّ الحكام الذين تجب طاعتهم؛ إن حكموا بالعدل يجب أن يكونوا مسلمين حسّا، ومعنى، لحما، ودما، لا أن يكونوا مسلمين شكلا، وصورة. وخذ ما يلي:

قال الزّمخشري-رحمه الله تعالى-: والمراد ب‍ ({أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}): أمراء الحق؛ لأنّ أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله، ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنّما يجمع بين الله، ورسوله، والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل، واختيار الحق، والأمر بهما، والنّهي عن أضدادهما، كالخلفاء الراشدين، ومن تبعهم بإحسان، وكان الخلفاء يقولون:

أطيعوني ما عدلت فيكم، فإن خالفت؛ فلا طاعة لي عليكم. انتهى.

هذا؛ ومن العلماء من يقول: المراد بأولي الأمر: العلماء العاملون، الذين يعلّمون النّاس بأمور الدين، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر. وهو قول لابن عباس-رضي الله عنهما-وكذا قال مجاهد، وعطاء، وغيرهما، واستدلّوا بقوله تعالى: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ..}. إلخ فأمر الله تعالى برد المتنازع فيه إلى كتاب الله، وسنّة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الردّ إلى الكتاب، والسنة. قال تعالى في الآية رقم [٨٣]: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>