للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا عائشة». وما عاب عليّ. أخرجه النّسائيّ. فأنت ترى: أنّ الروايتين عنها قد اختلفتا، وهذا يسمّى اضطراب الروايات.

هذا؛ ولا يقصر إلا بعد مجاوزة عمران بلده، وينتهي القصر بعوده إلى عمران بلده، والله الموفّق. كما اختلفوا في المدّة التي يقصر فيها في المكان الذي ذهب إليه، فقال مالك، والشافعيّ-رضي الله عنه-: إذا نوى الإقامة أربعة أيام؛ أتمّ، وإن كان أقام لحاجة يتوقّع قضاءها يوما بعد يوم؛ قصر ثمانية عشر يوما. وقال أبو حنيفة-رضي الله عنه-وأصحابه: إذا نوى إقامة خمس عشرة ليلة؛ أتمّ. وقال الإمام أحمد-رحمه الله تعالى-: إذا عزم المسافر مقام إحدى وعشرين صلاة مكتوبة؛ قصر. وإذا اقتدى بمقيم؛ أتمّ بالاتفاق.

هذا؛ ولم يتعرّض المفسّرون للجمع بين الصّلوات، فأجازه الشّافعي، ومالك، وأحمد بين العصرين، والعشاءين، تقديما، وتأخيرا، لما روى ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجمع بين صلاة الظهر، والعصر إذا كان على ظهر سفر، ويجمع بين المغرب، والعشاء. رواه البخاريّ، ومسلم.

وشروط التّقديم أربعة: البداءة بالأولى، ونيّة الجمع فيهما، ولو مع السّلام، والموالاة بينهما، ودوام السّفر إلى الإحرام بالثانية، ويشترط في التّأخير نيّته قبل خروج وقت الأولى، ولو بقدر ركعة، ودوام السّفر إلى تمامها، وإلا صارت الأولى قضاء.

فقد صحّ: أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان إذا ارتحل قبل الزّوال؛ أخّر الظهر إلى وقت العصر، ثمّ نزل، فجمع بينهما، فإن زالت قبل ارتحاله صلاهما، ثمّ ركب. وأنّه كان إذا جدّ به السير؛ جمع بين المغرب، والعشاء، أي: في وقت العشاء. وأبو حنيفة-رحمه الله تعالى-لا يرى الجمع إلا في يوم عرفة تقديما، وليلة المزدلفة تأخيرا. وفائدة الجمع في السّفر ملموسة، وحكيمة، ونرشد من لا يرى إمامه الجمع أن يقلّد من يراه. والله الموفق.

أمّا الجمع في المطر في الحضر تقديما؛ فقد صحّ: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جمع بالمدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف، ولا سفر، فقال الشافعي كمالك-رضي الله عنهما-: أرى ذلك بعذر المطر، ويؤيده جمع ابن عباس، وابن عمر-رضي الله عنهم-به، وأرى: أنّ شروط الجمع بالمطر غير متوفرة في هذه الأيام لتسهيل الطّرق، وتنويرها في اللّيل، وإن قال بعضهم بجوازها. والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

الإعراب: (إذا): ظرف لما يستقبل من الزّمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك مبني على السكون في محل نصب. {ضَرَبْتُمْ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المشهور المرجوح. {فِي الْأَرْضِ:} متعلّقان بما قبلهما. {فَلَيْسَ:}

الفاء: واقعة في جواب (إذا). (ليس): فعل ماض ناقص. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان

<<  <  ج: ص:  >  >>