للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ..}. إلخ: هذا وعد من القويّ العزيز بالنّصر المبين على الكافرين بأنّه سيهزمهم بعد الأمر بالحذر، والتيقظ، ليقوّي قلوب المؤمنين، ويشدّ من عزيمتهم، وليعلموا: أنّ الأمر بذلك ليس لضعفهم، وغلبة عدوهم، بل لأنّ الواجب أن يحافظوا على مراسيم التيقّظ والتدبّر. فيتوكّلوا على الله. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم للأعرابي: «اعقل وتوكّل».

تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت الآية الكريمة في النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أنّه غزا بني محارب، وبني أنمار، فنزلوا منزلا، ولا يرون من العدو أحدا، فوضع المسلمون السّلاح، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحاجة حتّى قطع الوادي، فحال السّيل بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين أصحابه، فجلس تحت شجرة، فبصر به غورث بن الحارث المحاربي، فقال: قتلني الله إن لم أقتله! ثمّ انحدر من الجبل ومعه السّيف، ولم يشعر به النبي صلّى الله عليه وسلّم، إلا وهو قائم على رأسه، وقد سلّ السّيف من غمده، وقال: يا محمد! من يمنعك مني الآن؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الله عزّ وجل»، ثم قال:

«اللهمّ اكفني غورث بن الحارث بما شئت!» فأهوى غورث بالسيف ليضرب به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأكبّ لوجهه من زلقة زلقها، فبدر السّيف من يده. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ السّيف، وقال: «من يمنعك مني الآن يا غورث؟!» فقال: لا أحد! كن خير آخذ يا محمد! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله؟». قال: لا! ولكن أشهد: ألا أقاتلك أبدا، ولا أعين عليك عدوّا. فأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيفه، فقال: لأنت خير منّي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أجل أنا أحقّ بذلك منك». فرجع إلى قومه، وقال لهم: جئتكم من عند خير النّاس، وذكر لهم حاله مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: وسكن الوادي فقطع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوادي إلى أصحابه، وأخبرهم الخبر، وقرأ عليهم: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ..}. إلخ.

الإعراب: {وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. ({إِذا}): انظر الآية السابقة. {كُنْتَ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {فِيهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة ({إِذا}) إليها على المشهور المرجوح. {فَأَقَمْتَ:} الفاء:

حرف عطف. (أقمت): فعل وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الصَّلاةَ:} مفعول به. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {طائِفَةٌ}. {مَعَكَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل (تقم) والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {فَلْتَقُمْ..}. إلخ جواب ({إِذا}) لا محلّ لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له. {وَلْيَأْخُذُوا:} فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على جواب ({إِذا}) لا محلّ لها مثله. {أَسْلِحَتَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جرّ بالإضافة. {فَإِذا سَجَدُوا:} إعرابه واضح إن شاء الله. {فَلْيَكُونُوا:} الفاء: واقعة في جواب

<<  <  ج: ص:  >  >>