جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله. هذا؛ ومن أسماء الله تعالى: الشّكور، ومعناه: هو الذي يجازي على يسر الطاعات كثير الدّرجات، ويعطي بالعمل في أيام معدودة نعما في الآخرة غير محدودة. هذا والترجّي في هذه الآية وأمثالها، إنّما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يحصل منه ترجّ لعباده. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا!.
بعد هذا فالآية دلّت على أنّ الله سبحانه وتعالى يريد بإرادة قديمة زائدة على الذّات. هذا مذهب أهل السّنّة، كما أنّه جلّت قدرته عالم بعلم، قادر بقدرة، حيّ بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلّم بكلام. وهذه كلها معان وجوديّة أزليّة زائدة على الذات. وذهب المعتزلة، والشّيعة إلى نفيها، والذي يردّ به عليهم أن يقال: لو لم يصدق كونه ذا إرادة؛ لصدق: أنّه ليس بذي إرادة، ولو صحّ ذلك؛ لكان كلّ ما ليس بذي إرادة ناقصا بالنسبة إلى من له إرادة، فلم يبق إلا أن يكون الذي لم يتصف بالإرادة أنقص مما هو متّصف بها، ولا يخفى ما فيه من المحال، فإنّه كيف يتصوّر أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، والبديهة تقضي بردّه، وإبطاله، وقد وصف الباري نفسه جلّ جلاله، وتقدّست أسماؤه بأنّه مريد، قال تعالى:{فَعّالٌ لِما يُرِيدُ،} وقال جلّ شأنه: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
هذا؛ والإرادة: نزوع النفس، وميلها إلى الفعل، بحيث يحملها عليه. ويقال للقوّة التي هي مبدأ النزوع، والأول مع الفعل، والثاني قبله، وكلا المعنيين غير متصوّر اتصاف الباري تعالى به، ولذا اختلف في معنى إرادته تعالى. فقيل: إرادته لأفعاله: أنّه غير ساه، ولا مكره، ولأفعال غيره أمره بها، فعلى هذا لم تكن المعاصي بإرادته. وقيل: علمه باشتمال الأمر على النّظام الأكمل، والوجه الأصلح.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١]. {إِذا:} انظر الآية رقم [٢].
{قُمْتُمْ:} فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة:{إِذا} إليها على المشهور المرجوح. {إِلَى الصَّلاةِ:} متعلقان بما قبلهما. {فَاغْسِلُوا:} الفاء: واقعة في جواب {إِذا}.
(اغسلوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب {إِذا} لا محلّ لها. {وُجُوهَكُمْ:} مفعول به. {وَأَيْدِيَكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف فيهما في محل جر بالإضافة. {إِلَى الْمَرافِقِ:} متعلّقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلّقان بمحذوف حال من:{الْمَرافِقِ} أي: مضافا إلى المرافق، وقال ابن هشام: الصّواب تعلّق {إِلَى} ب: «اغسلوا» محذوفا، و {إِذا} ومدخولها كلام لا محلّ له؛ لأنّه مبتدأ كالجملة الندائية قبله.
{وَامْسَحُوا:} فعل أمر، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
{بِرُؤُسِكُمْ:} متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، وعلى اعتبار الباء زائدة، فيكون مفعولا به صريحا منصوبا، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال