للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥]. هذا؛ و ({أَبْناءَكُمْ}): جمع: ابن، وأصله: أبناوكم، وأصل ابن:

بنو، ونساء أصله: نساو، وأيضا: آباء أصله أباو؛ لأنه جمع أب، وأصله أبو، فقل في الثلاثة:

تحركت الواو وانفتح ما قبلهما، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين.

فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة، ولقد سئلت عمّا يلي:

همزة المصدر «استغفار» ونحوه همزة وصل، فإذا جمع: استغفارات، ونحوه؛ تبقى الهمزة همزة وصل، وهمزة «ابن» همزة وصل، فلمّا جمع: أبناء، صارت الهمزة همزة قطع، فما الفرق بينهما؟ فالجواب: إنّ همزة المصدر أصليّة، وأما همزة (ابن) فليست أصلية؛ إذ أصله: (بنو) كما رأيت، فالهمزة فيه بدل من حرف علّة أصلي. فلما جمع على (أبناء) فهذه الهمزة همزة أفعال، وليست همزة ابن، كما قد يتوهم.

{وَفِي ذلِكُمْ:} الإشارة إلى جملة الأمر؛ إذ هو خبر، فهو كمفرد حاضر؛ أي: وفي فعل الفراعنة بكم ذلك {بَلاءٌ} أي: امتحان، واختبار، و {بَلاءٌ} أيضا: نعمة، ومنه قوله تعالى في سورة (الأنفال) رقم [١٧]: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً}. قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا، ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عزّ وجلّ يبلو عبده بالصنع الجميل؛ ليمتحن شكره، ويبلوه بالبلوى التي يكرهها؛ ليمتحن صبره، فقيل للحسن: بلاء. وللسيّئ: بلاء. حكاه الهروي، والقرطبي. وخذ قوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٦٨]: {وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وقال تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٣٥]: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وقال ابن كيسان: ويقال: أبلاه، وبلاه في الخير، والشرّ. وأنشد قول زهير في ممدوحيه: هرم بن سنان والحارث بن عوف المرّيين: [الطويل]

جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم... وأبلاهما خير البلاء الّذي يبلو

فجمع بين اللغتين. وقيل: الأكثر في الخير: أبليته، وفي الشر: بلوته، وفي الاختبار:

ابتليته، وبلوته. قاله النحاس. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الفجر) في الخير، وفي الشرّ:

{فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ..}. إلخ، وقال تعالى في الاختبار، والامتحان: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ..}.

إلخ رقم [١٢٤] الآتية، وبلاء أصله: بلاو، فإعلاله مثل إعلال أبناء... إلخ.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو حرف عطف. ({إِذْ}): ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بمحذوف معطوف على اذكر في الآية رقم [٤٧] وقال مكيّ، والقرطبيّ، وغيرهما: معطوف على نعمتي، وهو يفيد: أنه مفعول به للفعل المقدّر، والمعنى واحد، والنّتيجة واحدة. {نَجَّيْناكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جرّ بإضافة ({إِذْ}) إليها، و {مِنْ آلِ} متعلقان بما قبلهما، و {آلِ} مضاف و {فِرْعَوْنَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلميّة، والعجمة. {يَسُومُونَكُمْ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>