سبيل التبع للرّجال، والنّساء جميعا، كما في قوله تعالى:{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ}. وهو يذكّر ويؤنث قال تعالى في غير ما آية:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} وتأنيثه باعتبار المعنى، وهم أنّهم أمّة، وطائفة، وجماعة، وسمّوا قوما؛ لأنّهم يقومون مع داعيهم بالشدائد، والمتاعب إمّا بالمعاونة على كشفها، وإمّا بالمضايقة، والإيذاء إن عارضوه، وهذا حال أعداء الخير، والإصلاح في كلّ زمان، ومكان.
بسط إليه يده: إذا بطش به، وبسط إليه لسانه: إذا شتمه، فبسط اليد كناية عن البطش، والفتك.
{فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ:} منعها أن تمتدّ إليكم بسوء، وردّ مضرّتها عنكم. وكفّ الأيدي كناية عن الحبس، والمنع.
هذا؛ و:(اليد) تطلق في الأصل على اليد الجارحة، وقد تطلق على النفس، والذات، كما في قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٩٥]: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. وقد تطلق على القدرة، والقوّة، وهو كثير مثل قوله تعالى في سورة (ص) رقم [١٧]: {وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ}. وتطلق على الحيلة، والتدبير، فيقال: لا يد لي في هذا الأمر، ولا حيلة، ولا تدبير.
وخذ قول عروة بن حزام العذري، وهو الشّاهد رقم [١١٦] من كتابنا: «فتح رب البريّة»: [الطويل]
وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها... وما لي بزفرات العشيّ يدان
كما تطلق اليد على النّعمة، والمعروف. يقال: لفلان عندي يد، أي: نعمة، ومعروف، وإحسان. وكثيرا ما تنسب الأعمال إلى الأيدي، مثل قوله تعالى في كثير من الآيات:{بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ؛} لأنّ أكثر الأعمال إنّما تزاول بالأيدي، وإن كانت من أعمال القلوب، والأرجل، والعيون والأيدي تغليبا للأكثر على الأقل. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٤] الآتية فإنّه جيد والحمد لله.
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١]. {اُذْكُرُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية كالجملة النّدائية قبلها. {نِعْمَتَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلّقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلّقان ب:
{نِعْمَتَ اللهِ} أو بمحذوف حال من: {اللهِ}. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق ب: {نِعْمَتَ اللهِ}. {هَمَّ قَوْمٌ:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة:{إِذْ،} إليها. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يَبْسُطُوا:} فعل مضارع منصوب ب: {أَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمصدر المؤول من الفعل، وناصبه في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: إذ همّ