الجمهور على قياس الجمع كراهة اجتماع تثنيتين مع فهم المعنى، ولذلك شرط ألا يكون لكلّ واحد من المضاف إليه إلا شيء واحد؛ لأنّه إن كان له أكثر التبس، فلا يجوز في: قطعت أذني الزّيدين الإتيان بالجمع، ولا الإفراد للإلباس، وأورد ستّة أبيات شعرية شاهدا لذلك.
فإن فرّق متضمناهما، كقوله تعالى في الآية رقم [٧٨] الآتية: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ..}. إلخ؛ فقال ابن مالك أيضا بقياس الجمع، والإفراد، وخلافه أبو حيّان؛ لأنّ الجمع إنّما قيس هناك كراهة اجتماع تثنيتين وقد زالت بتفريق المتضمنين قال: فالذي يقتضيه النظر الاقتصار على التثنية، وإن ورد جمع، أو إفراد اقتصر فيه على مورد السّماع. قال: وأمّا الآية فليس المراد فيها باللسان الجارحة، بل المراد الكلام، أو الرسالة، فليس جزءا من داود، ولا من عيسى عليهما السّلام. انتهى.
أقول: ولم يذكر السيوطي-رحمه الله تعالى-أرجح الأوجه الثلاثة في الثاني، وهو ما أضيف إلى متضمنه، وهي جمع المضاف، وبقاء المضاف إليه على تثنيته، وإفراد المضاف، وبقاء المضاف إليه على تثنيته، وبقاء كلّ من المضاف، والمضاف إليه على تثنيته، فأرجحها الوجه الأول، وهذه لغة القرآن كما رأيت، وهو متّفق على رجحانه عند جميع النّحاة، واختلف في الوجهين الآخرين، فذهب ابن مالك إلى رجحان الثاني على الثالث، وذهب أبو حيان إلى العكس، ومنه قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:«إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار... إلخ» وقد أطلت عليك الكلام في ذلك بغية الإفادة، والله ولي التوفيق، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. وانظر الآية الآتية برقم [٧٨].
الإعراب:{وَالسّارِقُ:} الواو: حرف استئناف. (السارق): مبتدأ. {وَالسّارِقَةُ:} معطوف عليه. وفي الخبر وجهان: أحدهما: محذوف، وهو قول سيبويه، التقدير: فيما يتلى عليكم، أو فيما فرض عليكم حكم السارق، فقد حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وعند المبرّد الخبر هو الجملة الفعلية:{فَاقْطَعُوا..}. إلخ، وهو موافق للكوفيين في هذا، ودخلت الفاء في الخبر زائدة؛ لأنّ الكلام في معنى الشرط، التقدير: الذي يسرق، والتي تسرق فاقطعوا... إلخ، ومثل هذه الآية قوله تعالى في الآية رقم [١٥] من سورة (النساء): {وَالَّذانِ يَأْتِيانِها..}. إلخ، وقوله تعالى في سورة (النور): {الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا} هذا؛ وقرئ: «(السّارق والسّارقة)» بالنّصب على إضمار فعل يفسره المذكور بعده، وهو المختار في أمثاله؛ لأنّ الخبر لا يكون إنشاء إلا بإضمار، وتأويل. {فَاقْطَعُوا:} الفاء: زائدة، أو للسببية المحضة. (اقطعوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، أو هي مفسرة، أو هي مستأنفة على حسب أوجه الإعراب المتقدّم. {أَيْدِيَهُما:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {جَزاءً:} مفعول لأجله، أو هو