للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارتدّ بنو أسد؛ حيث تنبّأ فيهم طليحة بن خويلد الأسدي، فبعث إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد-رضي الله عنه-. فقاتله، فانهزم بعد القتال إلى الشّام، ثمّ أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه. وارتدّ سبع فرق في خلافة الصدّيق-رضي الله عنه-. وقال ابن إسحاق: لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ارتدّت العرب إلا ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد جؤاثى في البحرين، وكانوا في ردّتهم على قسمين: قسم نبذ الشّريعة كلّها، وخرج عنها، كما قدّمت، وقسم نبذ وجوب الزّكاة، واعترف بوجوب غيرها، فقالوا: نصوم، ونصلّي، ولا نزكي، فقاتل الصديق جميعهم، وبعث خالد بن الوليد وغيره إليهم بالجيوش، فقاتلهم، وسباهم، وردّهم إلى الإسلام على ما هو المشهور من أخبارهم.

ومن قرأ التاريخ يعرف ما لأبي بكر-رضي الله عنه-من الفضل. قال أبو بكر بن عيّاش:

سمعت أبا حصين يقول: ما ولد بعد النبيين أفضل من أبي بكر الصدّيق، لقد قام مقام نبيّ من الأنبياء في قتال أهل الردّة. ولقد ارتدّ عن الإسلام في عهد عمر-رضي الله عنه-قبيلة غسّان قوم جبلة بن الأيهم، وتنصّر، وهرب-بسبب اللّطمة للفزاري-إلى بلاد الرّوم، انظر قصّته في الآية رقم [١٦] من سورة (البقرة) تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. هذا؛ ويقرأ: «يرتد» و (يرتدد) بالفك والإدغام، وفي سورة (البقرة) رقم [٢١٧] بالفكّ فقط.

{فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ:} انظر الآية رقم [١٣٣] من سورة (النساء) ففيها الكفاية.

هذا، والمحبّة ميل النّفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه، بحيث يحملها على ما يقرّبها إليه.

والعبد إذا علم: أنّ الكمال المطلق الحقيقي ليس إلا لله، عزّ وجل، وأنّ كلّ ما يراه كمالا من نفسه، أو من غيره؛ فهو من الله، وبالله، وإلى الله؛ لم يكن حبّه إلا لله، وفي الله، وذلك يقتضي إرادة طاعته، والرّغبة فيما يقرّبه إليه، فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة، وجعلت مستلزمة لاتّباع الرسول صلّى الله عليه وسلّم في عبادته، والحرص على مطاوعته. انتهى. بيضاوي. ومن محبّة الله للعبد رضاه عنه، وغفر ذنوبه، وستر عيوبه. وعدم محبة الله للعبد كناية عن بغضه، والسّخط، والغضب عليه، أعاذنا الله من ذلك. هذا؛ وقد حمل الزّمخشري على الصّوفية بادّعائهم الحبّ، وما ينتج عنه من أعمال دجل، وشعوذة. انظر الكشاف؛ فإنّه جيد.

قال عبد الله بن زيد-رضي الله عنهما-: غلطت في أربعة أشياء: في الابتداء مع الله تعالى:

ظننت: أنّي أحبّه، فإذا هو أحبني، قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}. وظننت: أني أرضى عنه فإذا هو قد رضي عنّي، قال تعالى: {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}. وظننت: أنّي أذكره، فإذا هو يذكرني، قال تعالى: {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ،} وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}. وظننت أني أتوب إليه، فإذا هو قد تاب عليّ، قال تعالى: {ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}.

{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} أي: ويتذلّلون للمؤمنين. متواضعون لهم، عاطفون عليهم، راحمون لهم. من قولهم: دابة ذلول، أي: تنقاد سهلة، ولم يرد ذلّ الهوان. {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>