هذا؛ و {هُزُواً} يقرأ بسكون الزاي، والهمز، وبضم الزاي، والهمز، وبضم الزاي بلا همز، وهو بجميع قراءاته مصدر: هزأ، يهزأ، هزءا من باب: فتح، ويأتي من باب: تعب. هذا؛ والاستهزاء بالناس حرام قطعا، وآية (الحجرات) الناهية عن السّخرية، والاستهزاء بالنّاس معروفة، وأحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الناهية عن ذلك كثيرة، ومسطورة، وانظر الآية رقم [١٥] من سورة (البقرة).
{ذلِكَ} أي: لعبهم، وهزؤهم من أفعال السّفهاء، والجهلة، فكأنّهم لا عقول لهم تمنعهم من ذلك. هذا؛ والعقل: المنع، ومنه: عقال البعير الذي تشدّ به ركبته؛ لأنّه يمنعه من الحركة.
ومنه سمّي العقل: عقلا؛ لأنّه يعقل صاحبه، أي: يمنعه من فعل الرذائل، لذا فإنّ كلّ شخص لا يسير على الجادة المستقيمة لا يكون عاقلا بالمعنى الصّحيح، فقد ورد: أنّه مرّ رجل معتوه على مجلس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال الصّحابة-رضوان الله عليهم-: هذا مجنون. فقال سيّد الخلق، وحبيب الخالق:«هذا مصاب، وإنّما المجنون من أصرّ على معصية الله». والعقل: الدّية، سميت بذلك؛ لأنّ الإبل المؤداة تعقل بباب وليّ المقتول. والعقال أيضا: صدقة عام، قال الشاعر يهجو عاملا على الصّدقات في عهد بني أميّة:[البسيط]
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
لأصبح النّاس أوبادا فلم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين
هذا؛ والعقل: ثوب أحمر تتخذه نساء العرب تغشّى به الهوادج. قال علقمة:[البسيط]
عقلا ورقما تكاد الطّير تخطفه... كأنّه من دم الأجواف مدموم
هذا؛ والعقل: جوهر لطيف في البدن ينبت شعاعه منه بمنزلة السّراج في البيت، يفصل به بين حقائق المعلومات. ثمّ اختلفوا في محله، فقالت طائفة منهم: محلّه الدّماغ؛ لأنّ الدّماغ محلّ الحسّ. وقالت طائفة أخرى: محلّه القلب؛ لأنّ القلب معدن الحياة، ومادّة الحواس، ويردّ هذين القولين: أنّ فاقد العقل لم يفقد دماغه، ولا قلبه، بل هما موجودان فيه، بل القول الصّحيح: إنّ هناك لطيفة ربّانية، لا يعلمها إلا الله تعالى، فمن حيث تفكّرها تسمى: عقلا، ومن حيث حياة الجسد بها تسمّى: روحا، ومن حيث شهوتها تسمى: نفسا، انظر الآية رقم [٧٠] الآتية.
وقال الخازن-رحمه الله تعالى-: والعقل قوة تهيئ قبول العلم، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوّة: عقل، ومنه قول عليّ بن أبي طالب:[مجزوء الوافر]