{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً} أي: إنّ من سجيّتهم، وطبعهم: أنّهم دائما يسعون في الأرض فسادا، فهم يجتهدون في دفع الإسلام، ويستعملون المكر، والكيد، والحيل لإطفاء نوره. {وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} أي: إنّ الله لا يحبّ من كانت هذه صفته، وطبيعته. قال قتادة: لا تلقى اليهود ببلدة إلا وجدتهم من أذلّ الناس فيها. وهم أبغض خلق الله إليه.
هذا؛ و «اليد» في كلام العرب تكون للجارحة، كما في قوله تعالى في سورة (ص): {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً} وهذا محال على الله تعالى. وتكون للنّعمة، تقول العرب: كم يد لي عند فلان، أي: كم نعمة لي قد أسديتها له. وتكون للقوة، كما في قوله تعالى في سورة (محمد): {وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ}. وتكون للملك، والقدرة، كقوله تعالى في سورة (آل عمران): {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ}. وتكون بمعنى الصلة، قال الله تعالى في سورة (يس): {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً} أي: ممّا عملنا نحن، وقال في سورة (البقرة): {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ} أي: الذي له عقدة النكاح. وتكون بمعنى التأييد، والنصرة، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«يد الله مع القاضي حتّى يقضي والقاسم حتّى يقسم». وتكون لإضافة الفعل إلى المخبر عنه تشريفا له، وتكريما، قال تعالى في سورة (ص): {قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فلا يجوز أن يحمل على الجارحة؛ لأنّ الباري-عزّ، وجل-واحد، لا يجوز عليه التبعيض. ولا على القوّة، والملك، والنّعمة، والصّلة؛ لأنّ الاشتراك يقع حينئذ بين وليه آدم وعدوه إبليس. انتهى. قرطبي. وانظر ما ذكرته أيضا في الآية رقم [١١] فإنّه جيد أيضا.
هذا؛ و «زاد، يزيد» ضد: «نقص، ينقص» يكون لازما، كقولك: زاد المال درهما، ويكون متعديا لمفعولين كما في الآية التي بين أيدينا، وقولك: زاد الله خالدا خيرا، بمعنى: جزاه الله خيرا، وأما قولك: زاد المال درهما، والحبّ مدّا، فدرهما، ومدّا: تمييز، ومثله قل في:
«نقص» فمن المتعدي قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً،} ومن اللازم قوله تعالى في سورة (ق): {قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ}.
الإعراب:{وَقالَتِ:} الواو: حرف استئناف. (قالت): فعل ماض، والتاء للتأنيث.
{الْيَهُودُ:} فاعله. {يَدُ:} مبتدأ، وهو مضاف. و {اللهِ:} مضاف إليه. {مَغْلُولَةٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقالَتِ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.
{غُلَّتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث. {أَيْدِيهِمْ:} نائب فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الياء للثقل، والهاء في محل جرّ بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها، وهي دعائية إنشائية. {وَلُعِنُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
{بِما:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية،