للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ذَوا} في الآية رقم [٩٨] والعدل: هو الذي لم يرتكب كبيرة، ولم يصر على صغيرة، وهناك فرق بين عدل الرواية، وعدل الشهادة، ومجال ذلك الفقه الإسلامي. {آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ:} من ملتكم، أي دينكم، أو من غير عشيرتكم، وقبيلتكم. ومن قال بالأول قال بنسخ الحكم لأن شهادة الكافر لا تقبل على المسلم، والحق: أنها ثابتة في وصية مسلم حضره الموت في أرض غربة، ولم يجد مسلمين يشهدان على وصيته، فليشهد كافرين، أو ذميين، أو من أي دين كانا.

وهو قول ابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وسعيد بن المسيب، وابن جبير، وابن سيرين، وبه قال أحمد بن حنبل؛ لأن هذا موضع ضرورة. {ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ:} سافرتم فيها. {تَحْبِسُونَهُما:}

تقفونهما للحلف. {مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ:} صلاة العصر؛ لأنه وقت اجتماع الناس، والتقاء ملائكة الليل بملائكة النهار. وقيل: أي صلاة كانت. {فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ:} فيحلف الشاهدان بالله إن حصل شك في شهادتهما من قبل الورثة، أو من قبل الموصى لهم. {لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً:}

فهذا هو المحلوف عليه، ومعناه: لا نبيع عهد الله بشيء من الدنيا، ولا نحلف بالله كاذبين لأجل عرض نأخذه، أو حق نجحده، {وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى:} ولو كان المشهود له ذا قرابة منا. {وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ} أي: الشهادة التي أمرنا الله بها. وإنما أضاف سبحانه الشهادة إليه؛ لأنه أمر بإقامتها، ونهى عن كتمانها. هذا؛ وقد قرئ بتنوين شهادة، وقطع الهمزة بعدها على الاستفهام بالمد على حذف حرف القسم، وتعويض حرف الاستفهام منه، كما قرئ بغير المد كقولهم: الله لأفعلن، وانظر (الريب) في الآية رقم [٢/ ٢]. {لَمِنَ الْآثِمِينَ} أي: الخاطئين إن كتمنا الشهادة، وانظر الاثم في الآية رقم [٣].

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١]. {شَهادَةُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {بَيْنِكُمْ:} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة. {إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق ب‍: {شَهادَةُ} لأنه مصدر، والجملة الفعلية: {حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ:} في محل جر بإضافة: {إِذا} إليها. {اِثْنانِ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وهذا الخبر على تقدير مضاف محذوف، التقدير: شهادة اثنين. {حِينَ:} بدل من {إِذا،} وقيل بجواز اعتباره متعلقا بالموت، أو بالفعل حضر، ولا وجه لهما. {ذَوا:} صفة {اِثْنانِ} مرفوع مثله، و {ذَوا:} مضاف، و {عَدْلٍ:} مضاف إليه. {مِنْكُمْ:} متعلقان بمحذوف صفة ثانية ل‍: {اِثْنانِ،} أو بمحذوف حال منه بعد وصفه بما تقدم. هذا؛ وقد قال الزمخشري: يجوز أن يكون: {شَهادَةُ} مبتدأ والخبر محذوفا، التقدير: فيما فرض عليكم شهادة، وعليه يكون {اِثْنانِ} فاعلا بشهادة، أي يشهد اثنان. قال الجمل: وهذا ما جرى عليه ابن هشام، وهو الأولى لأن الصريح ليس كغيره. {أَوْ:} حرف عطف، {آخَرانِ:}

معطوف على: {اِثْنانِ} مرفوع مثله... إلخ. {مِنْ غَيْرِكُمْ:} متعلقان بمحذوف صفة: {آخَرانِ،} ولم يصفهما بالعدل كما في الأولين؛ لأن غير المسلم لا يكون عدلا مهما تحلى به من أخلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>