للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّها حتى في الكحل. ({السَّلْوى}): قال ابن عطية: طير بإجماع المفسرين. وقيل: هو السّمانى بعينه، وقد غلط خالد بن زهير الهذليّ، فظنّه العسل، فقال: [الطويل]

وقاسهما بالله جهدا لأنتم... ألذّ من السّلوى إذا ما نشورها

وقال المؤرج أحد علماء اللغة والتفسير، وهو ابن عمر السّدوسي: إنّه العسل، واستدل ببيت الهذلي، وذكر: أنه كذلك بلغة كنانة، سمّي به؛ لأنه يسلى به، ومنه عين السّلوان، وأنشد قول الشاعر: [الرجز]

لو أشرب السّلوان ما سليت... ما بي غنى عنك وإن غنيت

وقال الجوهريّ: والسّلوى: العسل، وذكر بيت الهذلي، لذا ما ادّعاه ابن عطية من الإجماع من أنه طير لا يصحّ، ويمكن القول: أنه يطلق على الطير المذكور وعلى العسل، والسّلوانة بالضم: خرزة كانوا يقولون: إذا صبّ عليها ماء المطر، فشربه العاشق سلا، قال الشّاعر: [الطويل]

شربت على سلوانة ماء مزنة... فلا وجديد العيش يا ميّ ما أسلو

واسم ذلك الماء: السّلوان، وقال بعضهم: السّلوان: دواء يسقاه الحزين، فيسلو، والأطباء يسمّونه المفرّح. ويقال: سليت، وسلوت لغتان، هذا وقال الأخفش: السّلوى: جمع لا واحد له من لفظه، مثل: الخير، والشر. وقال الخليل: واحده: سلواة، وأنشد قول الشاعر: [الطويل]

وإنّي لتعروني لذكراك سلوة... كما انتفض السّلواة من بلل القطر

{كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ:} هو على تقدير: وقلنا لهم: كلوا من حلالات ما رزقناكم، ولا تدّخروا لغد. فخالفوا، وادخروا، فدوّد، وفسد: فقطع الله عنهم ذلك، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطّعام، ولم يخنز اللّحم، ولولا حوّاء لم تخن أنثى زوجها الدّهر». متّفق عليه، لم يخنز اللّحم: لم ينتن، ولم يتغيّر. هذا والأمر أمر إباحة، وإرشاد، وامتنان. {وَما ظَلَمُونا} أي: بكفرهم، وجحودهم هذه النّعم. ويقدّر قبله:

فعصوا، ولم يقابلوا هذه النعم بالشّكر. {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} لمقابلتهم النعم بالمعاصي.

وكلّ من خالف أوامر الله فإنما يظلم نفسه؛ لأن وبال ذلك يعود عليه. وهذه الجملة تكرر ذكرها في عشر آيات، وخذ قوله تعالى في سورة (فصلت) رقم [٤٦]: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ}. هذا والجمع بين صيغتي الماضي، والمضارع: {ظَلَمُونا} و {يَظْلِمُونَ} للدلالة على تماديهم في الظلم، واستمرارهم على الكفر.

الإعراب: ({ظَلَّلْنا}): فعل وفاعل. {عَلَيْكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْغَمامَ:}

مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها في الآية السابقة. ({أَنْزَلْنا}): فعل وفاعل.

{عَلَيْكُمُ:} متعلقان به. {الْمَنَّ:} مفعول به. ({السَّلْوى}): معطوف على ما قبله منصوب مثله،

<<  <  ج: ص:  >  >>