للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعدا بالضم، والكسر: اسم الجمع. {شَياطِينَ:} جمع: شيطان، انظر الاستعاذة. {الْإِنْسِ:}

البشر، الواحد إنسي بكسر الهمزة فيهما، وجمع الإنسي أناس، وأناسي، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً} ويقال أيضا: أناسية، مثل: صيارفة، وصياقلة. هذا؛ وسمي بنو آدم إنسا لظهورهم، ولأنهم يؤنسون، أي يبصرون، كما سمي الجنّ جنّا لاجتنانهم، كما رأيت في الآية رقم [٧٦]. وسمي بنو آدم بشرا لبدو بشرتهم، كما رأيت في الآية رقم [٩١]. هذا؛ وتطلق كلمة (الإنسان) على الذكر، والأنثى من بني آدم، ومثلها كلمة: (شخص) قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ}. ومعلوم: أن الله تعالى لم يقصد الذكور خاصة، والقرينة الآيات الكثيرة الدالة على أن المراد: الذكر، والأنثى، واللام في:

«الإنسان» إنما هي لام الجنس التي تفيد الاستغراق، ولذا صح الاستثناء من الإنسان في السورة الكريمة. هذا؛ وإنسان العين هو المثال الذي يرى فيها، وهو النقطة السوداء التي تبدو لامعة وسط السواد. {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ:} يوسوس شياطين الجن إلى شياطين الإنس، أو بعض الجن إلى بعض، وبعض الإنس إلى بعض. {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} أي: الأباطيل المموهة، من: زخرفه: إذا زينه للناظرين، وانظر «القول» في الآية رقم [٧/ ٥]. {شاءَ:} انظر الآية رقم [٥/ ١٨]. {رَبُّكَ:}

انظر الفاتحة رقم [١] أو [٧/ ٣]. {فَذَرْهُمْ:} اتركهم، وانظر الآية رقم [٧/ ١٨٦]. {يَفْتَرُونَ:}

يختلقون من الكفر، وغيره مما زين لهم. وهذا قبل الأمر بالقتال.

تنبيه: الآية الكريمة صريحة في أنه يوجد شياطين من بني آدم في ثياب البشر، وقد ذكرت لك في الاستعاذة: أن كلمة الشيطان تطلق على كل نفس عاتية خبيثة، خارجة عن الصراط المستقيم، من الإنس، والجن، والحيوان، وهذا هو قول ابن عباس-رضي الله عنهما-في رواية عطاء عنه، وهو قول مجاهد، وقتادة، قالوا: وشياطين الإنس أشد تمردا من شياطين الجن؛ لأن شيطان الجن إذا عجز عن إغواء المؤمن الصالح، وأعياه أمره؛ استعان على إغوائه بشيطان الإنس؛ ليفتنه. ويدل على صحة هذا القول ما رواه أبو ذر-رضي الله عنه-قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هل تعوّذت بالله من شيطان الجنّ، والإنس؟». قلت: يا رسول الله! وهل للإنس شيطان؟ قال: «نعم شرّ من شياطين الجنّ». ذكره البغوي بغير سند، وأسنده الطبري.

وقال مالك بن دينار-رحمه الله تعالى-: إن شيطان الإنس أشد عليّ من شيطان الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجرني إلى المعاصي. انتهى خازن بتصرف بسيط.

أقول: وكما يوجد شياطين من الإنس في ثياب البشر يوجد كلاب، وحيات، وعقارب، وحشرات على اختلاف أنواعها من الإنس في ثياب البشر، والذي يعامل الناس في هذه الأيام، ويخالطهم؛ فإنه يفضل الكلاب، وما ذكرته على كثير منهم. ولولا الإطالة عليك؛ لذكرت لك

<<  <  ج: ص:  >  >>