للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرك رقم [٣٣] منها أيضا. {شَيْئاً:} انظر الآية رقم [٥/ ١٩]. {وَبِالْوالِدَيْنِ:} يراد في هذا اللفظ: الأب، والأم، ففيه تغليب الأب على الأم، وأيضا في لفظ (الأبوين) تغليب، وفيه إشعار بتفضيل الأب على الأم، والذكر على الأنثى. والإحسان إلى الأبوين يكون بالقول، والفعل، والإنفاق عليهما عند عجزهما، واحتياجهما. {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} أي: من أجل فقر، ومن خشيته، كقوله: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}. هذا؛ وانظر قتل الأولاد في الآية رقم [١٤٠].

{الْفَواحِشَ:} كبائر الذنوب، أو الزنى خاصة. {ما ظَهَرَ مِنْها:} بأن اطلع عليها الناس. {وَما بَطَنَ:} بأن لم يطلع عليه إلا الله تعالى. {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ..}. إلخ: هذا شبيه بذكر الخاص بعد العام اعتناء بشأنه؛ لأن الفواحش يندرج فيها قتل النفس، فجرد منها هذا استعظاما له، وتهويلا لشأنه. {الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ:} كالقود، وحدّ الردّة، ورجم المحصن.

فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلاّ بإحدى ثلاث: الثّيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة». انتهى. متفق عليه. هذا؛ وانظر قتل المؤمن عمدا في الآية رقم [٤/ ٩٣]. {ذلِكُمْ} أي: ما ذكر في هذه الآية. {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ:} تفهمون ما أباح، وما حرم.

والترجي في هذه الآية، وأمثالها إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله تعالى لا يحصل منه ترج، ورجاء لشيء من عباده، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا! وانظر (العقل) في الآية رقم [٢/ ٧٥] أو الآية [٢٢] من سورة (الأنفال).

تنبيه: يكثر السؤال في هذه الأيام عن منع الحمل، بل وعن إسقاط الجنين باستعمال بعض العقاقير. والجواب يكون بعونه تعالى كما يلي: منع الحمل إذا كان على اتفاق بين الزوجين، ولسبب من الأسباب، كضعف الزوجة، وعجزها عن القيام بخدمة الأولاد، فهو من المباحات التي لا حرج فيها، وأما إذا كان هربا من نفقات الأولاد، وتكاليف الحياة؛ فهو مكروه كراهة شديدة، وهو يدخل تحت قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «العزل هو الوأد الخفيّ» وإسقاط الجنين بعد التخلق مكروه كراهة شديدة، ما لم يكن هناك خطر على المرأة، كما يحدث في بعض الحالات، فهو من المباحات، وأما إسقاطه بعد نفخ الروح، فهو قتل نفس، ويدخل تحت الوعيد الشديد الذي ذكرته في الآية رقم [٤/ ٩٣] ما لم تكن هناك ضرورة شديدة تدعو لإسقاطه. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

الإعراب: {قُلْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {تَعالَوْا:} فعل أمر، مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَتْلُ:} مضارع مجزوم بجواب الأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط مقدر، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الواو، والضمة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والجملة الفعلية لا محل لها بمفردها، وهي مع

<<  <  ج: ص:  >  >>