للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك من درجة عالية، إلى رتبة سافلة، فإن التدلية، والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل.

{بِغُرُورٍ:} بما غرهما به من القسم، فإنهما ظنا: أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا، وإبليس أول من حلف بالله كاذبا، وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم». {فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ:} أكلا منها، وانظر شرح {الشَّجَرَةَ} في الآية رقم [١٩]. {بَدَتْ:} ظهرت، وانكشفت، وقل في إعلاله: أصله: «بدا»، فلما اتصل به تاء التأنيث، صار: بدات، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار {بَدَتْ}. {سَوْآتُهُما:} انظر الآية رقم [٢٠] لشرحه، وفيه قراءات كثيرة، ولكن لا يتغير الإعراب، فلذا لم أتعرض لها، والمعنى: فلما وجدا طعمها آخذين في الأكل منها؛ أخذتهما العقوبة، وشؤم المعصية، فتهافت عنهما لباسهما، وظهرت لهما عوراتهما. انتهى بيضاوي. يقال: إن أول من أكل من الشجرة حواء بإغواء إبليس إياها، فلما أكلت؛ لم يصبها شيء؛ لأن المنهي عنه ما وجد كاملا (وهو للاثنين) وخفي هذا المعنى على آدم، فطمع ونسي هذا الحكم، وهو معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}. وقيل: نسي قوله: {إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى}. {وَطَفِقا:} أخذا، وشرعا، فهذا الفعل من أفعال الشروع. {يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} أي: يرقعان، ويلزقان ورقة فوق ورقة على القبل، والدبر.

هذا؛ وخصف النعل خصفا: خرزها ورقعها، و (الورق) قيل: ورق التين. وقيل: ورق الموز.

{وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما..}. إلخ: قال البيضاوي: عتاب على مخالفة النهي، وتوبيخ على الاغترار بقول العدو. وفيه دليل على أن مطلق النهي للتحريم. انتهى. قال محمد بن قيس: ناداه ربه: يا آدم! لم أكلت منها؛ وقد نهيتك؟ قال: أطعمتني حواء. قال لحواء: لم أطعمته؟ قالت:

أمرتني الحية. قال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال الله: أما أنت يا حواء؛ فلأدمينك كل شهر كما أدميت الشجرة. وأما أنت يا حية؛ فأقطع رجليك، فتمشين على وجهك، وليشدخن رأسك كلّ من لقيك. وأما أنت يا إبليس؛ فملعون. بعد هذا انظر شرح: {الشَّيْطانَ} في الاستعاذة.

{عَدُوٌّ:} هو ضد الصديق، وهو على وزن «فعول» بمعنى «فاعل» مثل: صبور، وشكور، وما كان على هذا الوزن يستوي فيه المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، إلا لفظا واحدا جاء نادرا. (قالوا): هذه عدوة الله. قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا،} وقال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ} والجمع: أعداء؛ وأعاد، وعدات، وعدى. وقيل: أعاد جمع: أعداء، فيكون جمع الجمع. وفي القاموس: والعدا بالضم، والكسر: اسم الجمع.

{مُبِينٌ:} هو اسم فاعل من: «أبان» الرباعي، أصله: «مبين»، بسكون الباء، وكسر الياء، فنقلت كسرة الياء إلى الباء بعد سلب سكونها؛ لأن الحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة.

ولا تنس: أن اسم الفاعل من: بان الثلاثي: «بائن». {رَبِّكُمْ:} انظر الآية رقم [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>