وأنهار الدنيا! هذا؛ ويجمع النهر على: أنهر ونهر ونهور، وهاء «النهر» تسكن وتفتح. فبعد أن بين الله: أنه نزع ما في قلوبهم من حقد؛ أخبر بما أنعم به عليهم من اللذات، والمسرات.
{وَقالُوا:} انظر «القول» في الآية رقم [٥]. {الْحَمْدُ لِلّهِ:} انظر الآية الأولى من سورة (الفاتحة).
والمعنى: إن المؤمنين إذا دخلوا الجنة؛ حمدوا الله الذي وفقهم للإيمان، وأرشدهم للعمل؛ الذي هذا ثوابه، وما كان لهم هذا لولا توفيق الله، وهدايته. وفي الآية دليل على أن المهتدي من هداه الله، ومن لم يهده الله؛ فليس بمهتد: {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً}. {لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ} أي: ثبت لنا أن ما وعد به الرسل من الثواب للمطيعين، والعقاب للعاصين أنه حق واقع. {جاءَتْ:} انظر الآية رقم [٣]. {رُسُلُ:} انظر الآية رقم [٣٥].
{رَبِّنا:} انظر الآية رقم [٣]. {بِالْحَقِّ:} انظر الآية رقم [٣٣]. {وَنُودُوا} أي: نادى مناد، واختلف في هذا المنادي، فقيل: هو الله. وقيل: الملائكة. {تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها..}. إلخ:
أي: هذه الجنة التي استحققتم الدخول فيها بسبب عملكم الصالح في الدنيا.
فعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة-رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ نادى مناد: إنّ لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبدا، وإنّ لكم أن تصحّوا، فلا تسقموا أبدا، وإنّ لكم أن تشبّوا، فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبدا». فذلك قوله عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ..}. إلخ.
وروى أبو هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من أحد إلاّ وله منزل في الجنة، ومنزل في النار، فأمّا الكافر؛ فإنه يرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنّة». فذلك قوله تعالى: {أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. وقيل: {أُورِثْتُمُوها} عن الأعمال الصالحة؛ التي عملتموها؛ لأن الجنة جعلت لهم جزاء، وثوابا على الأعمال. ولا يعارض هذا القول ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإنّما يدخلها برحمة الله».
فإنّ دخول الجنة برحمة الله، وانقسام المنازل، والدرجات بالأعمال.
الإعراب: (نزعنا): فعل، وفاعل. وانظر الآية رقم [١٠]. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {فِي صُدُورِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ غِلٍّ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور، و {مِنْ} بيان لما أبهم في: {ما} والجملة الفعلية:
{تَجْرِي..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير المجرور محلاّ بالإضافة. {تَجْرِي:} مضارع مرفوع... إلخ. {مِنْ تَحْتِهِمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الْأَنْهارُ:} فاعله، والجملة الفعلية:
{وَنَزَعْنا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {قالُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق. وانظر الآية رقم [٥]. {الْحَمْدُ:} مبتدأ. {لِلّهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {الَّذِي:}