للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الّتي يوحيها الله إليهم، ثمّ كثرة اللّجاج، والعناد للرّسل، صلوات الله، وسلامه عليهم، وجفاؤهم في مخاطبة نبيّهم الكريم موسى عليه السّلام... إلى آخر ما هنالك من قبائح، ومساوئ. انتهى. صفوة التفاسير.

{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً:} هي واحدة البقر، تقع على الذكر والأنثى، نحو حمامة، والصّفة تميّز الذكر من الأنثى، تقول: بقرة ذكر، وبقرة أنثى، وقيل: بقرة اسم للأنثى خاصّة من هذا الجنس، والذكر: الثّور، نحو ناقة، وجمل، وأتان، وحمار، وسمّي هذا الجنس بذلك؛ لأنه يبقر الأرض، أي: يشقها بالحرث. هذا؛ وأهل اليمن يسمّون البقرة:

باقورة، وكتب النبي صلّى الله عليه وسلّم في كتاب الصّدقة لأهل اليمن: في ثلاثين باقورة بقرة. مختار الصّحاح.

والباقر: جماعة البقر مع رعاتها، والتبقّر: التوسع في العلم، ومنه محمّد الباقر لأبي جعفر محمّد بن علي زين العابدين-رضي الله عنهم-أجمعين، لتبقّره في العلم؛ أي: لتبحره، وتعمّقه فيه، قال الأزهري: البقر: اسم للجنس، وجمعه: باقر، وفي لسان العرب: فأمّا بقر، وباقر، وبيقور، وباقور، وماقور، وباقورة؛ فأسماء للجمع. هذا؛ وقال أميّة بن أبي الصّلت، وهو الشّاهد رقم [٥٩٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الخفيف]

سلع ما ومثله عشر ما... عائل ما وعالت البيقورا

وقال ودّاك بن ثميل المازني الطّائي وهو الشّاهد رقم [٥٩٦] من كتابنا المذكور: [البسيط]

أجاعل أنت بيقورا مسلّعة... ذريعة لك بين الله والمطر

هذا؛ وقال الماوردي-رحمه الله تعالى-: وإنّما أمروا-والله أعلم-بذبح بقرة دون غيرها من الحيوانات؛ لأنها من جنس ما عبدوه من العجل ليهون عندهم ما كانوا يرونه من تعظيمه، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته، وهذا المعنى علّة في ذبح البقرة، وليس بعلّة في جواب السائل، ولكنّ المعنى فيه أن يحيا القتيل بقتل حيّ، فيكون أظهر لقدرة الله في اختراع الأشياء من أضدادها. {قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً} هذا جواب منهم لموسى عليه السّلام لمّا قال لهم:

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} وذلك: أنهم وجدوا قتيلا بين أظهرهم. قيل: اسمه عاميل، واشتبه أمر قاتله عليهم، ووقع بينهم خلاف. فقالوا: نقتتل؛ ورسول الله بين أظهرنا؟! فأتوه، فسألوه البيان، وذلك قبل نزول القسامة في التّوراة، فسألوا موسى أن يدعو الله، فسأل موسى عليه السّلام ربّه، فأمرهم بذبح بقرة، فلمّا سمعوا ذلك من موسى، وليس في ظاهره جواب عمّا سألوه، واحتكموا فيه عنده؛ قالوا: {أَتَتَّخِذُنا هُزُواً؟}.

هذا؛ و {هُزُواً} يقرأ بسكون الزاي، والهمز، وبضم الزاي بلا همز، وهو بجميع قراءاته مصدر هزأ، يهزأ هزأ من باب: فتح، ويأتي من باب: تعب. هذا؛ والاستهزاء بالناس حرام قطعا، وآية (الحجرات) النّاهية عن السّخرية، والاستهزاء بالنّاس معروفة، وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم الناهية عن ذلك كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>