للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَعُوذُ بِاللهِ:} أستعيذ، وأستجير، وأتحصّن بالله. {الْجاهِلِينَ:} جمع: جاهل، والجهل هو السّفه والطيش، والحمق، والجاهل هو الذي يجهل ما يتعلق به من المكروه، والمضرة، ومن حقّ الحكيم العاقل ألا يقدم على شيء حتّى يعلم كيفيته، وحاله، ولا يشتري الحلم بالجهل، ولا الأناة بالطيش ولا الرفق بالخرق، كما قال أبو ذؤيب الهذليّ، وهو الشاهد رقم [٧٧١] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم... فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل

وإن لم يكن كذلك يصدق عليه أنّه من أكبر الجهّال، والحمار أفضل منه، كما قال الشاعر الحكيم: [الكامل]

فضل الحمار على الجهول بحركة... معروفة عند الّذي يدريها

إنّ الحمار إذا توهّم لم يسر... وتعاود الجهّال ما يؤذيها

تنبيه: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} مقدّم في التلاوة، وقوله: {قَتَلْتُمْ نَفْساً..}. إلخ الآية رقم [٧٢] الآتية مقدّم في المعنى على جميع ما ابتدأ به من شأن البقرة، ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها، وكأنّ الله أمرهم بذبح البقرة حتّى ذبحوها، ثم وقع ما وقع من أمر القتيل، فأمروا أن يضربوه ببعضها، ويكون {وَإِذْ قَتَلْتُمْ} (مقدما) في المعنى على القول الأول حسب ما ذكرنا؛ لأنّ الواو لا توجب الترتيب، ونظيره في التنزيل في قصّة نوح بعد ذكر الطوفان وانقضائه في قوله جلّ ذكره في سورة هود:

{حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} إلى قوله: «إلا قليلا» فذكر إهلاك من هلك منهم، ثم عطف عليه قوله: {وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها} فذكر الركوب متأخرا في الخطاب، ومعلوم: أنّ ركوبهم كان قبل الهلاك، وكذلك قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً} وتقديره: أنزل على عبده الكتاب قيما، ولم يجعل له عوجا، ومثله في القرآن كثير، انتهى. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف عطف. ({إِذْ}): ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: واذكروا إذ، وهو متعلق بهذا المحذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها.

وقال النسفي: وهو معطوف على {نِعْمَتِيَ} في قوله: {اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} كأنه قال: اذكروا ذاك، واذكروا إذ قال موسى، وكذلك في الظروف التي مضت. {قالَ مُوسى:}

فعل ماض وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة ({إِذْ}) إليها.

{لِقَوْمِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء: في محل جر بالإضافة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَأْمُرُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهَ،} والكاف مفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>