للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغيب، وبقي ما فيها من المواعظ والأحكام والحلال والحرام. وينبغي أن تعلم أن موسى عليه السّلام لم يلق الألواح على الأرض، ولم يغضب الغضب الشديد حين أخبره ربه مع تصديقه بذلك كما فعل، وغضب حين عاين ذلك، وشاهده. وهذا كما قيل: ليس الخبر كالمعاينة.

{وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ:} بشعر هارون. {يَجُرُّهُ إِلَيْهِ:} توهما بأنه قصر في وعظهم، مع أنه بذل جهده في ذلك، كما تفيده سورة (طه) ولكنهم كانوا قوما مجرمين، فخاف منهم، لما هددوه وكان أكبر من موسى بثلاث سنين، وكان لطيفا لينا، ولذلك كان أحب إلى بني إسرائيل من موسى. {قالَ ابْنَ أُمَّ:} ذكر الأم مع كونهما لأب، وأم؛ ليرققه، ويستعطفه عليه، وقرئ: «(يا بن أم)» كما قرئ «(أمي)» وانظر أوجه الإعراب: {إِنَّ الْقَوْمَ} أي: الذين عبدوا العجل. {اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي:} إزاحة لتوهم التقصير في حقه، والمعنى: بذلت وسعي في وعظهم، ونصحهم، حتى قهروني، وقاربوا قتلي. وانظر شرح: {يَكادُ} في الآية رقم [٢٠] (البقرة) تجد ما يسرك، وأيضا رقم [١١٨] (التوبة). {فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ:} والمعنى: لا تفعل بي ما يسر أعدائي، وأصل الشماتة: الفرح بمصيبة من تعاديه، ويعاديك، يقال: شمت فلان بفلان: إذا سر بمكروه نزل به، وهي من خلق اللئام، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عنها فقال: «لا تظهر الشماتة بأخيك، فيعافيه الله ويبتليك». وكان يتعوذ منها ويقول: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء». والفعل: (شمت، يشمت) من باب سلم، يسلم، وهو في الآية من الرباعي المتعدي بالهمزة، وقرئ بفتح التاء، والميم من الثلاثي، ورفع (الأعداء). وانظر شرح:

{عَدُوٌّ} في الآية رقم [٢٢]. {وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي: لا تجعلني في عداد الذين عبدوا العجل. وانظر: (الظلم) في الآية رقم [١٤٦] من سورة (الأنعام).

الإعراب: (لمّا): انظر الآية رقم [١٣٤]. {رَجَعَ:} ماض. {مُوسى:} فاعل مرفوع... إلخ.

{إِلى قَوْمِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {غَضْبانَ أَسِفاً:} حالان من:

{مُوسى} ومن لا يجيز تعدد الحال يعتبر: {أَسِفاً} حالا من الضمير المستتر في: {غَضْبانَ} لأنه صفة مشبهة، فتكون حالا متداخلة. وقيل: بدل منه، ولا وجه له، وجملة: {رَجَعَ..}. إلخ لا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا. (قال): ماض، وفاعله يعود إلى موسى. (بئس): فعل ماض جامد لإنشاء الذم، وفاعله مستتر. (ما): نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب على التمييز، المفسر لفاعل (بئس) المستتر، التقدير:

بئس الشيء شيئا. هذا؛ وجوز اعتبار (ما) اسما موصولا مبنيّا على السكون في محل رفع فاعل بئس. {خَلَفْتُمُونِي:} ماض مبني على السكون، والتاء فاعله، والميم علامة جمع الذكور، وحركت بالضم، فتولدت واو الإشباع، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية صفة (ما) أو صلتها، والرابط، أو العائد محذوف، والمخصوص بالذم محذوف، وتقدير الكلام: بئس

<<  <  ج: ص:  >  >>