الأرحام... إلخ. هذا؛ والمعروف: ما استحسنه الشرع، والعقل. والمنكر: ما استقبحه الشرع، والعقل، والفطرة السليمة.
{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ:} هي لحوم الإبل وشحم الغنم والمعز والبقر، انظر الآية رقم [١٤٦] الأنعام والآية رقم [١٥٩](النساء). {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ:} لحم الخنزير والربا... إلخ، وكل ما يستخبثه الطبع، وتستقذره النفس. وانظر (محرّم) في الآية رقم [٦/ ١٤٥]. {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ:} ثقلهم. وقيل: هو العهد، وقد جمعت هذه الآية المعنيين، فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال، فوضع عنهم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ذلك العهد، وثقل تلك الأعمال، كغسل البول، وتحليل الغنائم، ومجالسة الحائض ومؤاكلتها ومضاجعتها، فإنهم كانوا إذا أصاب ثوب أحدهم بول قرضه، وإذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء، فأكلتها، وإذا حاضت المرأة لم يقربوها. انتهى قرطبي. وانظر الآية رقم [٢٨٥](البقرة) تجد ما يسرك. هذا؛ وقد قرئ: «(أصارهم)». {وَالْأَغْلالَ:} قال القرطبي: فالأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال.
قال الخازن: وذلك مثل قتل النفس في التوبة، وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة في البدن والثوب بالمقراض، وتعيين القصاص في القتل، وتحريم أخذ الدية، وترك العمل في السبت، وأن صلاتهم لا تجوز إلا في الكنائس، وتتبع العروق في اللحم، وغير ذلك من الشدائد التي كانت على بني إسرائيل، شبهت بالأغلال مجازا؛ لأن التحريم يمنع من الفعل، كما أن الغل يمنع من الفعل. انتهى. {آمَنُوا بِهِ} أي: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم. {وَعَزَّرُوهُ:} قووه، ونصروه. أو عظموه. أو منعوه من العدو حتى لا يقوى عليه أحد، وأصل العزر المنع، ومنه التعزيز لأنه يمنع من معاودة القبيح، كالحد، فهو المنع. وقرئ الفعل بالتشديد والتخفيف.
{النُّورَ:} القرآن سمي نورا؛ لأن القلب يستنير به، فيخرج من ظلمات الشك، والجهالة إلى ضياء اليقين والعلم. {الْمُفْلِحُونَ:} الفائزون بكل خير، والناجون من كل شر. وانظر الآية رقم [٣٨] من سورة (المائدة).
تنبيه: عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-فقلت:
أخبرني عن صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التوراة، فقال: إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} وحرزا للأميين، أنت عبدي، ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظّ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا.
وزاد كعب الأحبار: أمته الحامدون، يحمدون الله في كل منزلة، ويكبرونه على كل نجد، يأتزرون على أنصافهم، ويغضون أطرافهم، صفّهم في الصلاة، وصفّهم في القتال سواء،