للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون لهم آية بعد ما أماته الله مائة عام، قال: فأتى ملك بإناء فيه ماء فشرب منه، فمثلت له التوراة في صدره، فلما أتاهم، قال: أنا عزير، فكذبوه، وقالوا: إن كنت كما تزعم فأمل علينا التوراة، فكتبها لهم من صدره، ثم إن رجلا منهم، قال: إن أبي حدثني، عن جدي: أن التوراة جعلت في خابية، ودفنت في كرم كذا، فانطلقوا معه حتى أخرجوها فعارضوها بما كتب لهم عزير، فلم يجدوه غادر حرفا، فقالوا: إن الله لم يقذف التوراة في قلب عزير إلا لأنه ابنه، فعند ذلك، قالت اليهود: عزير ابن الله، وانظر الآية رقم [٢٥٨] (البقرة).

وأما قول النصارى: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ} فكان السبب فيه: أنهم كانوا على الدين الحق بعد رفع عيسى عليه السّلام، إحدى وثمانين سنة يصلون إلى القبلة، ويصومون رمضان حتى وقع بينهم وبين اليهود حرب، وكان في اليهود رجل شجاع، يقال له: بولص، قد قتل جماعة من أصحاب عيسى عليه السّلام، ثم قال بولص لليهود: إن كان الحق مع عيسى فقد كفرنا، والنار مصيرنا، فنحن مغبونون إن دخلنا النار، ودخلوا الجنة، فإني سأحتال، وأضلهم حتى يدخلوا النار معنا، ثم عمد إلى فرس كان يقاتل عليه، فعرقبه، وأظهر الندامة والتوبة، ووضع التراب على رأسه، ثم أتى إلى النصارى، فقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عدوكم بولص، فقد نوديت من السماء: أنه ليس لك توبة حتى تتنصر، وقد تبت وأتيتكم، فأدخلوه الكنيسة ونصروه، وأدخلوه بيتا منها، لم يخرج منه سنة حتى تعلم الإنجيل، ثم خرج، وقال: قد نوديت: أن الله قبل توبتك، فصدقوه، وأحبوه، وعلا شأنه فيهم، ثم إنه عمد إلى ثلاثة رجال: اسم الواحد: نسطور، والآخر: يعقوب، والثالث:

ملكان، فعلم نسطور: أن عيسى ومريم والإله ثلاثة، وعلم يعقوب: أن عيسى ليس بإنسان، ولكنه ابن الله، وعلم ملكان: أن عيسى هو الله ولم يزل، ولا يزال، فلما استمكن ذلك فيهم دعا كل واحد في الخلوة، وقال له: أنت خالصتي، وادع الناس لما علمتك، وأمره أن يذهب إلى ناحية من البلاد، ثم قال لهم: إني رأيت عيسى في المنام، وقد رضي عني، وقال لكل واحد منهم: إني سأذبح نفسي تقربا إلى عيسى، ثم ذهب إلى المذبح، وذبح نفسه، وتفرق أولئك الثلاثة، فذهب كل واحد إلى ناحية، وأظهر مقالته، ودعا الناس إليها، فتبعه على ذلك طوائف من الناس، فتفرقوا، واختلفوا، ووقع القتال بينهم، انتهى. خازن.

{ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ} أي: يقولون ذلك بألسنتهم من غير علم يرجعون إليه، وانظر الآية [٣٣] الآتية. {يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} أي: يضاهي قولهم قول الذين.. إلخ فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وذلك لأن الجثث لا تقابل بالمصادر، كما رأيت في الآية [٢٠] ويقرأ الفعل بالهمز، وبدونه «(يضاهون)»، هذا؛ والمضاهاة: المشابهة، أو الموافقة، والمراد ب‍ {الَّذِينَ كَفَرُوا} من الأمم السابقة، وقيل من مشركي العرب، حيث قالوا:

الملائكة بنات الله. {قاتَلَهُمُ اللهُ}: لعنهم الله، وقيل: هو دعاء عليهم بالإهلاك الذي سببه

<<  <  ج: ص:  >  >>