للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد الأشهر الحرم خاصة، فإن من عصى الله فيها يضاعف عقابه، كما أن العمل الصالح فيها يضاعف ثوابه، وهذا مبني على قاعدة، وهي أن الأعمال يضاعف ثوابها؛ إن كانت صالحة، ويضاعف عقابها، إن كانت سيئة، بالنسبة للزمان والمكان، والشخص الذي يعمل العمل، فالزمان المفضل على غيره يضاعف ثواب العمل فيه؛ إن كان صالحا، ويضاعف عقاب العمل فيه؛ إن كان سيئا، وقل مثل ذلك في المكان وفي الشخص، فصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والعمل السيئ بمائة ألف عمل سيئ.

وخذ قوله تعالى: {يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ} وقوله جل شأنه: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ}. {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} أي: قاتلوا محيطين بهم ومجتمعين على قتالهم، كما يقاتلونكم مجتمعين عليكم، والمعنى: تعاونوا، وتناصروا على قتالهم، ولا تتفرقوا؛ فتفشلوا، وتذهب ريحكم، وقيل: معنى كافة أي: في جميع الشهور الحرم وغيرها، وعليه فالآية ناسخة لتحريم القتال في الأشهر الحرم، والصحيح: أن الآية الناسخة لذلك هي آية البقرة رقم [٢١٦].

{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}: بالنصر والتأييد، والمعونة على أعدائهم، لا المعية الحسية، وانظر الآية رقم [٤٧] من سورة (الأنفال).

بعد هذا فالشهور جمع شهر، وتجمع أيضا على: أشهر، وسمي الشهر شهرا لشهرته برؤية الهلال في أوله. {كِتابِ}: انظر شرحه في الآية رقم [٢] (الأعراف). {يَوْمَ}: انظر الآية رقم [١٢٨] الأنعام. {السَّماواتِ وَالْأَرْضَ}: انظر الآية رقم [١] الأنعام. {الدِّينُ}: انظر الآية رقم [١٦٢] منها. {الْقَيِّمُ}: أصله القيوم، قلبت الواو ياء، ثم أدغمت في الياء. {فَلا تَظْلِمُوا}:

انظر الظلم في الآية رقم [١٤٦] الأنعام. {أَنْفُسَكُمْ}: انظر الآية رقم [٩] (الأعراف).

{كَافَّةً}: هو مصدر مثل: عامة وخاصة، قال الزجاج: مثل هذا من المصادر عافاه الله عافية، وعاقبه عاقبة، ولا يثنى ولا يجمع. {اللهِ}: انظر الآية رقم [١] الأنفال. {الْمُتَّقِينَ}: انظر الآية رقم [١] منها هذا؛ و {كَافَّةً} وما ذكر من المصادر لا يأتي إلا منصوبا، ولقد عيب على الزمخشري حيث أتى به مجرورا في مقدمة الكشاف، فقال: ولكافة المسلمين، وانظر الآية [١٢٣] الآتية.

الإعراب: {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {عِدَّةَ}: اسمها، وهو مضاف، و {الشُّهُورِ}:

مضاف إليه. {عِنْدَ}: ظرف مكان متعلق ب‍ {عِدَّةَ} لأنه مصدر، و {عِنْدَ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه. {اِثْنا}: خبر {إِنَّ} مرفوع، وعلامة رفعه الألف؛ لأنه ملحق بالمثنى و {عَشَرَ} مبني على الفتح لا محل له من الإعراب؛ لوقوعه موقع نون المثنى، ولا يصح أن يقال: إنه مضاف إليه؛ لتضمنه معنى العطف. {شَهْراً}: تمييز مؤكد؛ لأنه لم يذكر للبيان؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>