الآية رقم [١] من سورة (الأنفال)، {وَرِضْوانٍ} أي: وابتغاء رضوانه تعالى. {خَيْرٌ}: انظر الآية رقم [١٢] من سورة (الأعراف)، {عَلى شَفا}: طرف وحرف، أصله شفو بدليل تثنيته: شفوان، فيقال في إعلاله: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، {جُرُفٍ}: بضم الجيم مع ضم الراء وتسكينها، انظر ما ذكرته في {رُسُلٌ} في الآية رقم [٣٥] من سورة (الأعراف)، وال {جُرُفٍ} ما ينجرف بالسيول من الأودية، وهو جوانبه التي تنحفر بالماء. {هارٍ}: ساقط متداع منهار، وفي أصله وإعلاله ثلاثة أقوال:
أحدها وهو المشهور: أنه مقلوب بتقديم لامه على عينه، وذلك: أن أصله: هاور، أو هاير، فقدمت اللام، وهي الراء على العين، وهي الواو أو الياء، فصار كغاز ورام، فأعلّ إعلال الاسم المنقوص.
القول الثاني: أن عينه حذفت اعتباطا، أي: لغير موجب؛ وعليه فتجري وجوه الإعراب على لامه، فيقال: هذا هار، ورأيت هارا، ومررت بهار.
القول الثالث: أنه لا قلب فيه، ولا حذف، وأن أصله هور، أو هير بوزن كتف، فتحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله، فقلب ألفا، وعلى هذا فتجري وجوه الإعراب أيضا كالذي قبله، وهذا أعدل الوجوه لاستراحته من ادعاء القلب والحذف، اللذين هما على خلاف الأصل. انتهى. جمل نقلا عن السمين بتصرف كبير مني.
{فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ} أي: فسقط الجرف بمعنى أوقع الجرف البنيان في نار جهنم، {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ}: انظر معنى هذه الجملة، وما يتعلق بها في الآية رقم [٢٤] وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٠] تجد ما يسرك.
تنبيه: هذه الآية ضرب مثل لهم، أي: من أسس بنيانه، أي: دينه وطاعته وتقواه على الإسلام خير أم من أسس بنيانه على الشرك والنفاق، وبين أن بناء الكافر والمنافق كبناء على جرف جهنم يتهور بأهله فيها. انتهى.
تنبيه: في الآية الكريمة دليل على أن كل شيء ابتدئ بنية تقوى الله تعالى، والقصد لوجهه الكريم، فهو الذي يبقى، ويسعد به صاحبه، ويصعد إلى الله، ويقبله، ويرفع صاحبه درجات في عليين. انتهى.
تنبيه: لقد اختلف العلماء في قوله تعالى: {فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ} هل هو حقيقة أو مجاز على قولين:
الأول: أن ذلك حقيقة، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أرسل إلى مسجد الضرار، فهدم، رؤي الدخان يخرج منه، وقال بعضهم: كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل، فيخرجها سوداء