للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توبتها كما أخر فرعون إيمانه وتوبته إلى أن حل به العذاب، فلم ينفعه إيمانه، وأداة التحضيض معناها النفي، أي: لم يقع ذلك في غابر الزمن. {إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ} أي: فهؤلاء نفعهم الإيمان عند مشاهدة العذاب، وهو ما أفاده قوله تعالى: {لَمّا آمَنُوا كَشَفْنا..}. إلخ، فهم مستثنون من حكم عام، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

{الْخِزْيِ}: أي: المذل المخزي. {وَمَتَّعْناهُمْ}: تركناهم يتمتعون في هذه الدنيا ويتلذذون فيها إلى انقضاء آجالهم التي قدرها لهم العزيز الحكيم.

تنبيه: ذكر يونس عليه السّلام باسمه في القرآن الكريم أربع مرات في سورة (النساء) الآية [١٦٣] والأنعام الآية رقم [٨٦] وما نحن بصدد شرحها، وفي سورة (الصافات) الآية رقم [١٣٩] وما بعدها، وذكر بوصفه في سورة (الأنبياء) في قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً..}. إلخ الآية رقم [٨٧] وذكر بوصفه أيضا في سورة (القلم)، في قوله تعالى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ} ولم يعلم من نسبه في كتب التفسير والحديث إلا أنه (يونس بن متى) ويقول أهل الكتاب: إنه يونان بن أمتاي، والظاهر من أمره: أنه من بني إسرائيل، ويوجد ببلد اسمه: حلحول، وبقرب مدينة الخليل بفلسطين قبر يقال: إنه قبر يونس، وبمكان غير بعيد عنه قبر آخر، يقال: إنه قبر متى. انتهى. من قصص الأنبياء للمرحوم عبد الوهاب النجار، وسترى مزيدا لذلك في سورة (الأنبياء) والصافات إن شاء الله تعالى. هذا؛ ونون يونس فيها ثلاث لغات، وانظر ما ذكرته مزيدا على ذلك في الآية [٤] من سورة (يوسف).

أما قصة يونس مع قومه، فأسردها لك على ما ذكره عبد الله بن مسعود، وسعيد بن جبير، ووهب وغيرهم-رضي الله عنهم أجمعين-، قالوا: إن قوم يونس-عليه السّلام-كانوا بقرية نينوى من أرض الموصل، وكانوا أهل كفر وشرك، فأرسل الله سبحانه وتعالى إليهم يونس -عليه السّلام-يدعوهم إلى الإيمان بالله، وترك عبادة الأصنام، فدعاهم، فأبوا عليه، قيل له:

أخبرهم أن العذاب مصبحهم إلى ثلاث، فأخبرهم بذلك، فقالوا: إنا لم نجرب عليه كذبا قط، فانظروا فإن بات فيكم الليلة فليس بشيء، وإن لم يبت فاعلموا: أن العذاب مصبحكم، فلما كان جوف الليل خرج يونس من بين أظهرهم، فلما أصبحوا تغشاهم العذاب، فكان فوق رءوسهم، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن العذاب كان قد أهبط على قوم يونس-عليه السّلام-حتى لم يكن بينهم وبينه إلا قدر ثلثي ميل، فلمّا دعوا؛ كشف الله عنهم ذلك، وقال مقاتل: قدر ميل.

وقال سعيد بن جبير: غشي قوم يونس العذاب كما يغشى الثوب القبر، وقال وهب: غامت السماء غيما أسود هائلا يدخن دخانا شديدا، فهبط حتى غشي مدينتهم، واسودت أسطحتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>