للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلّ في علاه. فيقال: هو الواحد وهو الأحد، والثاني: أسماء العدد: فيقال: أحد وعشرون، وواحد عشرون، وفي غير هذين الموضعين يفرق بينهما في الاستعمال، فلا يستعمل أحد إلا في النفي، وهو كثير في الكلام، أو في الإثبات مضافا كما في هذه الآية، بخلاف الواحد، وقولهم: ما في الدار أحد، هو اسم لمن يعقل، ويستوي فيه الواحد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، قال تعالى: {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ} الآية رقم [٣٢] من سورة (الأحزاب)، وقال جلّ ذكره: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ} الآية رقم [٤٧] من سورة (الحاقة)، وإن أردت الزيادة فانظر الآية رقم [٢٦] من سورة (الجن) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{يُعَمَّرُ:} يعيش. {أَلْفَ سَنَةٍ:} كناية عن كثرة العدد، فليس المراد خصوص هذا العدد، وأصل {سَنَةٍ:} سنو، وتصغيرها سنيّة، وسنيهة، وجمعها: سنون بضم السين وكسرها، ويجمع على سنوات، وسنهات، السنة اثنا عشر شهرا، كما يطلق اسم الحول، والعام على هذه الأشهر.

{بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ:} بمبعده، وفعله يكون لازما، ومتعديا، قال الشاعر في اللاّزم: [الطويل]

خليليّ ما بال الدّجى يتزحزح... وما بال ضوء الصّبح لا يتوضّح

وقال ذو الرّمّة في المتعدّي: [البسيط]

يا قابض الروح عن جسم عصى زمنا... وغافر الذّنب زحزحني عن النّار

وروى النّسائيّ عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: «من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النّار سبعين خريفا». هذا؛ واختلف في إرجاع الضمير على وجوه: أحدها: أنه عائد على (أحد) والثاني: أنه ضمير «التعمير» وقد دلّ عليه: {لَوْ يُعَمَّرُ}. وقال الفارسي موافقا الكوفيين في قولهم: إنه ضمير الشأن: والبصريّون يأبون تفسيره بالمفرد، بل لا بدّ من جملة مصرّح بجزءيها، سالمة من حرف جرّ.

{وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ} أي: بما يعمل هؤلاء الذين {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}.

هذا؛ وقال العلماء: وصف الله-عزّ وجلّ-نفسه بأنه {بَصِيرٌ} على معنى: عالم بخفيات الأمور، والبصير في كلام العرب: العالم بالشّيء، الخبير به.

الإعراب: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف تقديره: والله. والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أقسم، واللام واقعة في جواب القسم. (تجدنهم):

فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره: «أنت» والهاء مفعول به أوّل. {أَحْرَصَ:} مفعول به ثان، و ({أَحْرَصَ}) مضاف، والناس مضاف إليه. {عَلى حَياةٍ:} متعلقان ب‍ {أَحْرَصَ}.

هذا؛ ويجوز في اللغة: «أحرصي الناس» على حدّ: {أَكابِرَ مُجْرِمِيها} في سورة (الأنعام) رقم [١٢٣] وانظر حاشية الجمل، وجملة ({لَتَجِدَنَّهُمْ}) جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه

<<  <  ج: ص:  >  >>