للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسوة يوسف عظمنه، وهبنه لحسنه الفائق، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

«رأيت يوسف ليلة المعراج كالقمر ليلة البدر». قيل: كان يرى تلألؤ وجهه على الجدران، وانظر وصفه في الآية رقم [١٩]. وعن ابن عباس: أكبرنه: أمنين، وأمذين من الدهش، قال الشاعر: [الطويل]

إذا ما رأين الفحل من فوق قارة... صهلن، وأكبرن المنيّ المدفّقا

القارة: الجبل الصغير المنقطع عن الجبال، وقيل: معناه: حضن، قال الشاعر: [البسيط]

تأتي النساء على أطهارهنّ، ولا... تأتي النساء إذا أكبرن إكبارا

وكأن أبا الطيب المتنبي أخذ من هذا التفسير قوله: [الطويل]

خف الله واستر ذا الجمال ببرقع... فإن لحت حاضت في الخدور العواتق

هذا؛ وقد تفزع المرأة، أو تدهش، فتسقط ولدها أو تحيض، وانظر تفسير: (ضحكت) بحاضت في الآية رقم [٧١] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}: جرحنها بالسكاكين من فرط الدهشة، ولم يجدن ألما لذلك، وقال وهب:

مات منهن جماعة. {وَقُلْنَ حاشَ لِلّهِ}: بإثبات ألف بعد الشين وحذفها، وهما قراءتان سبعيتان، ويقرأ «(حاشا الله)» بغير لام بمعنى: براءة الله، و «(حاشا لله)» بالتنوين على تنزيله منزلة المصدر، وقال مكي: معنى (حاشا لله) بعد يوسف عن الذي رمي به لله، أي: لخوفه لله، ومراقبته له، ولم أجد هذا لغيره.

تنبيه: في {حاشَ} ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون فعلا متعديا متصرفا، تقول: حاشيته، بمعنى: استثنيته، قال النابغة الذبياني: [البسيط]

ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه... ولا أحاشي من الأقوام من أحد

الثاني أن تكون تنزيهية، ومنه الآية الكريمة على التفسير الثاني، والصحيح: أنها اسم مرادف للبراءة من كذا. الثالث أن تكون للاستثناء، فذهب سيبويه، وأكثر البصريين إلى أنها حرف دائما بمنزلة إلا، لكنها تجر المستثنى، وذهب الجرمي، والمازني، والمبرد، والزجاج، والأخفش، وأبو زيد، والفراء، وأبو عمرو الشيباني إلى أنها تستعمل كثيرا حرفا جارّا، وقليلا فعلا متعديا جامدا لتضمنه معنى (إلا)، والكوفيون يعتبرونها فعلا دائما. انتهى. من مغني اللبيب باختصار، ولذلك شواهد انظر شرحها وإعرابها في كتابنا: «فتح القريب المجيب».

{ما هذا بَشَراً}: نفين عنه البشرية لفرط حسنه وجماله، والمقصود من هذا إثبات الحسن المفرط ليوسف؛ لأنه تقرر في النفوس: أنه لا شيء أحسن من الملك، فلذلك وصفنه بكونه ملكا، فقلن: {إِنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} هذا؛ ويقرأ: «(ما هذا بشر)» بالرفع، وهي لغة بني تميم، وقراءة

<<  <  ج: ص:  >  >>