للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضر، والبادية خلاف الحاضرة، وكان يعقوب وأولاده أصحاب ماشية فسكنوا البادية، أي:

وهم في الأصل من أهل الحاضرة؛ لأن الله لم يبعث نبيا من أهل البادية، وقيل: إنهم خرجوا إلى بدا، وهو موضع، وإياه عنى جميل بثينة بقوله: [الطويل]

وأنت التي حبّبت شغبا إلى بدا... إليّ وأوطاني بلاد سواهما

فشغب وبدا موضعان، وليعقوب بهذا الموضع مسجد حتى جبل بدا. انتهى. قرطبي.

{مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} أي: أفسد ما بيني وبين إخوتي، أحال ذنبهم على الشيطان تكرما، وهذا على سبيل المجاز، لا على الحقيقة؛ لأن الفاعل المطلق المختار هو الله تعالى، وليس للشيطان مدخل إلا بإلقاء الوسوسة والتحريش، لإفساد ذات البين، وذلك بإقدار الله إياه على ذلك. هذا؛ والنزغ، والنخس، والنسغ، والنفر، والهمز، والوسوسة ألفاظ مترادفة، قال تعالى: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الآية رقم [١٩٩] من سورة (الأعراف)، فقد شبه الله سبحانه وسوسة الشيطان، وإغواءه للناس بنخس السائق دابته بشيء؛ لتسير. {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ}: لطيف التدبير له؛ إذ ما من صعب إلا وتنفذ فيه مشيئته، ويتسهل دونها، وقال الخطابي: اللطيف هو البر بعباده الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون، كقوله تعالى: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ} {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ}: بوجود المصالح والتدبير. {الْحَكِيمُ}: الذي يفعل كل شيء في وقته على وجه يقتضي الحكمة.

روي: أن يوسف طاف بأبيه عليهما السّلام في خزائنه، فلما أدخله خزانة القراطيس، قال:

يا بني ما أعقك! عندك هذه القراطيس، وما كتبت إلي على ثماني مراحل، قال: أمرني جبريل عليه السّلام، قال: أو ما تسأله؟ قال: أنت أبسط إليه مني، فسأله، فقال جبريل: الله أمرني بذلك لقولك: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فقال: فهلا خفتني.

الإعراب: {وَرَفَعَ}: الواو: حرف عطف. (رفع): ماض، وفاعله يعود إلى (يوسف).

{أَبَوَيْهِ}: مفعول به منصوب... إلخ، والهاء في محل جر بالإضافة. {عَلَى الْعَرْشِ}: متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: (قال...) إلخ في الآية السابقة لا محل لها مثلها. (خروا): ماض وفاعله، والألف للتفريق. {لَهُ}: متعلقان بما قبلهما. {سُجَّداً}: حال من واو الجماعة، وجملة: (خروا...) إلخ معطوفة على ما قبلها. (قال): ماض، وفاعله يعود إلى يوسف. {يا أَبَتِ}: انظر الشرح والإعراب في الآية رقم [٤] {هذا}: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {تَأْوِيلُ}: خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {رُءْيايَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر وياء

<<  <  ج: ص:  >  >>