للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذكرة وعظة. {لِأُولِي الْأَلْبابِ} أي: يتعظ بها أصحاب العقول الصحيحة، والقلوب الواعية، هذا؛ والاعتبار والعبرة: الحالة التي يتوصل بها الإنسان من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، والمراد منه التأمل والتفكر، وانظر الآية رقم [٢١] من سورة (الرعد).

{ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى} أي: ما كان هذا القرآن حديثا يختلق؛ لأن الذي جاء به من عند الله -وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم-لا يصح منه أن يختلقه أو يبتدعه من تلقاء نفسه؛ لأنه لم يقرأ الكتب السابقة، ولم يخالط العلماء، ثم إنه جاء بهذا القرآن المعجز، فدل ذلك على صدقه، وأنه ليس بمفتر، وانظر {الْأَحادِيثِ} في الآية رقم [٦] {وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: ولكن كان تصديق الذي بين يديه من الكتب الإلهية المنزلة على موسى وعيسى وداود وغيرهم على نبينا، وعليهم أفضل صلاة، وأزكى سلام، وفي ذلك إشارة إلى أن قصة يوسف وردت في القرآن على الوجه الموافق لما في التوراة وغيرها.

{وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} أي: مما يحتاجه الناس في دنياهم من العقائد، والأحكام، والمواعظ، والحلال والحرام، والقصص، والوعد والوعيد، والمحكم والمتشابه كما قال بعضهم ذكرا ما اشتمل عليه القرآن الكريم: [الطويل]

حلال، حرام، محكم، متشابه... بشير، نذير، قصّة، عظة، مثل

{وَهُدىً وَرَحْمَةً} أي: رشد وبيان، وهداية من الضلال، ونعمة شاملة سابغة لمن قرأ القرآن وانتفع به. {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: خصهم الله بالذكر؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بالقرآن وتعاليمه.

هذا؛ وهدى أصله (هديا) بضم الهاء وفتح الدال، وتحريك الياء منونة، فقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان: الألف والتنوين، الذي يرسم ألفا في حالة النصب بحسب الأصل، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار (هدى) وإنما أتوا بياء أخرى، لتدل على الياء المحذوفة الأصلية، بخلاف ما إذا لم يأتوا بها، وقالوا: (هدا) فلا يوجد ما يدل عليها.

الإعراب: {لَقَدْ}: اللام: هي لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره:

والله. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {كانَ}: ماض ناقص. {فِي قَصَصِهِمْ}:

متعلقان بمحذوف خبر {كانَ} تقدم على اسمها، والهاء في محل جر بالإضافة. {عِبْرَةٌ}: اسم كان مؤخر، ولم يؤنث الفعل للفاصل، أو لأن {عِبْرَةٌ} مؤنث غير حقيقي. {لِأُولِي}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة عبرة، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة اللازمة، و (أولي): مضاف. و {الْأَلْبابِ}: مضاف إليه، وجملة: {لَقَدْ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين باللام.

{ما}: نافية. {كانَ}: ماض ناقص، واسمه ضمير القرآن المفهوم من المقام. {حَدِيثاً}:

خبر كان. {يُفْتَرى}: مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف

<<  <  ج: ص:  >  >>