للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا منها. {أَوْ مَتاعٍ} أي: طلب متاع آخر غير المعادن الثمينة مما ينتفع به الناس كالحديد والنحاس والرصاص ونحوه مما يذاب، وتتخذ منه الأواني وغيرها كآلات الحرب، هذا؛ ويقرأ الفعل بالياء على الغيبة، وبالتاء على الخطاب، والمتاع: كل ما يتمتع به، ويقال لكل ما ينتفع به في البيت كالطبق والقدر ونحو ذلك من الأواني: متاع.

{زَبَدٌ مِثْلُهُ} أي: هذا الزبد مثل الزبد الذي يعلو فوق سطح السيل. {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ} أي: يمثل الله الحق والباطل بما ذكر، فالحق هو الجوهر الصافي الثابت، والباطل هو الزبد الطافي فوقه الذي لا ينتفع به. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} أي: ضائعا باطلا، حيث يتفرق ويضيع على حافتي الوادي المفعم بالسيل. ولا تنس: أن الزبد هذا يراد به زبد السيل وزبد الماء المغلى. {وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ}: يعني الماء الصافي.

والجوهر الجيد من هذه الأجسام التي تذاب. {فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} أي: يثبت، ويبقى، ولا يذهب، هذا؛ ومكث يمكث بمعنى: أقام يقيم. قال الكميت يذم ولاة السوء: [الطويل]

فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم... فحتّام حتّام العناء المطوّل؟

والمكث بضم الميم وتكسر، وهذا على أنه اسم، وأما المصدر، فإن كان فعله من باب نصر، فهو بضم الميم أيضا، وإن كان من باب كرم، فهو بفتح الميم.

{كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ}: قال أهل التفسير والمعاني: هذا مثل ضربه الله للحق والباطل، فالباطل وإن علا على الحق في بعض الأوقات والحالات، فإن الله يمحقه ويبطله، ويجعل العاقبة الحسنة للحق وأهله، كالزبد الذي يعلو على الماء، فيذهب الزبد، ويبقى الماء الصافي الذي ينتفع به، وكذلك الصافي من الجواهر والمعادن يبقى، ويذهب ما يعلو فوقه من الكدر، وانظر ما ذكرته من تفسير وتمثيل آنفا، واقرأ الحديث جيدا وتفهمه وتدبره، والله يتولاني ويتولاك بعنايته ورعايته.

الإعراب: {أَنْزَلَ}: ماض، وفاعله يعود إلى الله. {مِنَ السَّماءِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الماء، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا. {السَّماءِ}: مفعول به، وجملة: {أَنْزَلَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. (سالت): ماض، والتاء للتأنيث. {أَوْدِيَةٌ}:

فاعل. {بِقَدَرِها}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف صفة أودية، و (ها): في محل جر بالإضافة، وجملة: (سالت...) إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها. {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً}:

ماض وفاعله ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {رابِياً}: صفة زبدا. (مما): متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وجملة: {يُوقِدُونَ عَلَيْهِ} صلة (ما) الموصولة، والعائد الضمير المجرور محلا ب‍ {عَلَيْهِ}. {فِي النّارِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المجرور محلاّ ب‍ (على) ومنع القرطبي الاعتبار الأول. {اِبْتِغاءَ}: مفعول لأجله،

<<  <  ج: ص:  >  >>