للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوله البصريون على حذف كلام مقدر؛ إذ التقدير: والله ما هي بولد مقول فيه: نعم الولد، ونعم السير على عير مقول فيه: بئس العير. والمعتمد في ذلك قول البصريين، هذا؛ ويجب في فاعلهما أن يكون مقترنا بال، كما في قوله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أو مضافا لمقترن بها، كما في الآية الكريمة، أو ضميرا مميزا بنكرة، كقوله تعالى: {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} أو كلمة (ما) نحو قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}.

هذا بالإضافة إلى تفسير الدار بما رأيت، أقول: الدار هي منزل الإنسان ومسكنه في الدنيا، وهي مؤنثة، وقد تذكر، أصلها دور بفتحتين، قلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، وجمعها ديار ودور، وأدؤر وأدور، وأدورة، وأدوار، ودورات، وديارات، ودوران، وديران، وأصل ديار دوار، قلبت الواو ياء لأنها وقعت عينا في جمع على وزن فعال، لمفرد اعتلت عينه بالقلب، هذا؛ والدار أيضا البلد، والقبيلة، ودار القرار في الآخرة، والداران: الدنيا والآخرة، ودار الحرب بلاد العدو.

هذا؛ وقد قال أبو حاتم: إن الديار العساكر والخيام، لا البنيان والعمران، وإن الدار البنيان والعمران، وعليه قوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في عساكرهم وخيامهم ميتين، وقال جل شأنه: {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في مدينتهم المعمورة، ولو أراد غير ذلك لجمع الدار، فعلم من كلامه، أن الديار مخصوصة بالخيام. انتهى. قال صاحب الخزانة: وهذه غفلة عن قول الشاعر، وهو مجنون ليلى: (أقبّل ذا الجدار) وهو حائط البيت، وذلك في قوله: [الوافر]

أمرّ على الدّيار، ديار ليلى... أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبّ الدّيار شغفن قلبي... ولكن حبّ من سكن الدّيارا

الإعراب: {سَلامٌ}: مبتدأ، سوغ الابتداء به وهو نكرة الدعاء، {عَلَيْكُمْ}: متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، واقع حالا من الملائكة، أي: قائلين: سلام عليكم. {بِما}: الباء: حرف جر. (ما): مصدرية. {صَبَرْتُمْ}: فعل وفاعل، وما والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هذه الكرامة بسبب صبركم، ولا يجوز تعليقهما ب‍ {سَلامٌ} للفصل بالخبر، وهو أجنبي، والجملة هذه من جملة مقول الملائكة. {فَنِعْمَ}: الفاء: حرف عطف.

(نعم): ماض جامد لإنشاء المدح. {عُقْبَى}: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، و {عُقْبَى}: مضاف، و {الدّارِ}: مضاف إليه، والمخصوص بالمدح محذوف، التقدير: الممدوحة هي، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فتكون من مقول الملائكة أيضا، هذا؛ وقيل: الفاء الفصيحة، ولا وجه له كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>