والنّسائيّ عن الحسن بن عليّ سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وريحانته-رضي الله عنه-وقد يستعمل الرّيب في التهمة، قال جميل بن معمر العذريّ:[الطويل]
بثينة قالت يا جميل أربتني... فقلت كلانا يا بثين مريب
واستعمل أيضا في الحاجة كما قال كعب بن مالك الصّحابيّ الأنصاريّ رضي الله عنه:[الوافر]
قضينا من تهامة كلّ ريب... وخيبر ثمّ أجممنا السّيوفا
{هُدىً:} أصله: هديا، أو هدي، بضم الهاء وفتح الدال، وتحريك الياء منونة، قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان: الألف، والتنوين الذي يرسم ألفا في حالة النصب بحسب الأصل، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار {هُدىً} وإنما أتوا بياء أخرى لتدل على الياء الأصلية المحذوفة، بخلاف ما إذا لم يأتوا بها، وقالوا:«هدا»، فلا يوجد ما يدلّ عليها، وهذا الإعلال يجري في كل اسم مقصور مجرد من ال، والإضافة.
{لِلْمُتَّقِينَ:} جمع متق، فهو مأخوذ من التقوى، وهي: حفظ النفس من العذاب الأخرويّ بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه؛ لأن أصل المادة من الوقاية، وهي الحفظ، والتحرز من المهالك دنيا، وأخرى، وفيه تغليب الرّجال على النساء؛ إذ ما من شك: أنّ في النساء متّقيات مهتديات بالقرآن الكريم، هذا شيء معلوم لا ينكره مسلم عاقل. هذا؛ وخصّ الله تعالى المتقين بهدايته، وإن كان هدى للخلق أجمعين تشريفا لهم؛ لأنهم آمنوا، وصدّقوا بما فيه، وإسناد الهداية للقرآن من الإسناد للسبب، والهادي في الحقيقة هو الله، ففيه مجاز عقليّ.
الإعراب:{الم:} في إعراب هذا اللفظ وجوه، الأول: أنّ محله الرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هذه الم، أو هو مبتدأ خبره ما بعده، والثاني: أنّ محله النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اقرأ، أو اتل الم، قاله ابن كيسان النحوي. أو هو منصوب على تقدير حذف حرف القسم، كما تقول: الله لأفعلنّ، والناصب فعل محذوف أيضا، التقدير:
التزمت الله، أو اليمين به، والثالث: أنّ محله الجر على القسم، وحرف الجر محذوف، وبقي عمله بعد الحذف؛ لأنه مراد، فهو كالملفوظ به، وتقدير الكلام على هذا: أقسم، أو أحلف ب «الم»؛ لقول ابن عباس-رضي الله عنهما-: إنها أقسام أقسم الله بها، وضعّف هذا سليمان الجمل، فقال: وهذا ضعيف؛ لأن ذلك-أي: حذف الجار وإبقاء عمله-من خصائص الجلالة المعظمة، لا يشركها فيه غيرها، ولا محل لها من الإعراب على اعتبارها، وأمثالها حروفا مقطعة، أو مختصرة من أسماء.
{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، {الْكِتابُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية هنا في محل رفع خبر المبتدأ، الذي هو:{الم} على الوجه الثاني من وجهي الرفع، كما رأيت، والرابط اسم الإشارة على