للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه، وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: {رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. انتهى.

التجريد الصريح. موقوفا في أوله، ومرفوعا أربع مرات في وسطه وآخره، وقد رفعته في أوله أيضا كما رفعه المرحوم عبد الوهاب النجار.

تنبيه: وإني أرجئ الكلام على إقدام إبراهيم على ذبح إسماعيل-على نبينا، وعليهما، وعلى جميع الأنبياء، والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام-إلى سورة (الصافات) الآية رقم [١٠١] وما بعدها. هذا؛ وأضيف أن سبب إلقاء هاجر ورضيعها إسماعيل في مكة على نحو ما عرفت إنما هو غيرة سارة منها ومن ولدها؛ لأنها كانت جارية لها، فوهبتها لإبراهيم، فتزوجها، ولم يكن لسارة ولد قط، فأمر الله إبراهيم عليه السّلام أن يأخذهما إلى ذلك المكان القفر وأن يتركهما، فركب البراق هو وهاجر والطفل، فجاء في يوم واحد من الشام إلى بطن مكة، وترك ابنه وأمه، وركب منصرفا من يومه، فكان ذلك كله بوحي من الله تعالى، وكان مطيته البراق كلما أراد أن يزور إسماعيل عليهما السّلام، وما تقدم يفيد: أن إبراهيم-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-كان يحسن اللغة العربية ويجيدها، وإلا فكيف كان يمكن أن يتفاهم مع زوجتي ابنه، الأخرى تلو الأولى، ولم يكن بينهما ترجمان يترجم لهما ما يتفاهمان به.

وأيضا فكيف يمكن أن يتفاهم مع إسماعيل وأمه هاجر حينما ذهب إليهما، وقص رؤياه على إسماعيل، التي رأى أنه يذبحه، بل فكيف يمكن أن يتعاون مع إسماعيل، وإقامته عنده المدة الطويلة حينما بنيا الكعبة المعظمة، وهذا كله قد وقع، لا ريب فيه، ولا شك.

تنبيه: لا يجوز لأحد أن يتعلق بهذا في طرح ولده بأرض مضيعة اتكالا على العزيز الرحيم، واقتداء بفعل الخليل إبراهيم، كما تقوله غلاة الصوفية في حقيقة التوكل، فإن إبراهيم فعل ذلك بأمر الله، كما رأيت. هذا؛ وإن أحد الفسقة تزوج امرأة ثانية، وهجر الأولى مع أولادها في دار مستقلة، فلما نوقش في ذلك، قال: أنا أسكنها في دار مع أولادها، وأعطيتها أرضا تعمل فيها، وتعيش منها، وإبراهيم الخليل ألقى هاجر، وابنه في أرض قاحلة، لا أنيس فيها، ولا ماء، ولا نبات، فهو يقول ذلك متفكها، ومضحكا الناس، فويل لهم كيف يفترون على الله الكذب؟! وويل لهم مما يصنعون؟!

الإعراب: {رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمه.

{أَسْكَنْتُ:} فعل وفاعل. {مِنْ ذُرِّيَّتِي:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، وقد رأيت أن {مِنْ} للتبعيض، وبعضهم يعتبرها صلة ويخرج على قول الأخفش بزيادتها في

<<  <  ج: ص:  >  >>