للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل: معاذ الله، وقد أجري علما على التسبيح، بمعنى: التنزيه على الشذوذ في قول الأعشى: [السريع]

قد قلت لمّا جاءني فخره... سبحان من علقمة الفاخر

وتصدير الكلام به اعتذار عن الاستفسار، والجهل بحقيقة الحال، ولذلك جعل مفتاح التوبة، فقال موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} وقال: ذو النون عليه السّلام: {سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ}. وقد نزه الله ذاته في كثير من الآيات بنفسه تنزيها لائقا به، وجملة القول فيه: اسم موضوع موضع المصدر، وهو غير متمكن؛ لأنه لا يجري بوجوه الإعراب من رفع، وجر، ولا تدخل عليه الألف واللام، ولم يجر منه فعل، ولم ينصرف لأن في آخره زائدتين: الألف، والنون. ومعناه: التنزيه والبراءة لله عز وجل من كل نقص، فهو ذكر عظيم لله تعالى، ولا يصلح لغيره، وقد روى طلحة الخير بن عبيد الله أحد العشرة-رضي الله عنه-: أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ما معنى سبحان الله؟ فقال:

«تنزيه الله من كلّ سوء». والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل الذي من معناه، لا من لفظه؛ إذ لم يجر من لفظه فعل، وذلك مثل: قعد القرفصاء، فالتقدير عنده: أنزه الله تنزيها، فوقع سبحان الله مكان قولك: تنزيها لله.

الإعراب: {أَتى:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {أَمْرُ:} فاعله، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. والجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها.

{فَلا} الفاء: حرف عطف على قول من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، قال ابن هشام: هي للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر. (لا): ناهية جازمة.

{تَسْتَعْجِلُوهُ:} مضارع مجزوم ب‍: (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، أو هي جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك لا بد واقعا؛ فلا تستعجلوه.

{سُبْحانَهُ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافة المصدر لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الفعلية الحاصلة منه، ومن فعله المحذوف مستأنفة، لا محل لها. {وَتَعالى:}

ماض، وفاعله يعود إلى الله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {عَمّا:}

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو ب‍: «سبحان»، أو بفعله المحذوف على التنازع، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: «عن»، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط، محذوف؛ إذ التقدير:

عن الذي، أو عن شيء يشركونه مع الله، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍: «عن»، التقدير: تعالى الله عن شركهم. تأمل، وتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>