قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من كانت له أنثى، فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده الذكور عليها أدخله الله الجنّة». رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من كنّ له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهنّ، وضرّائهنّ، وسرّائهنّ؛ أدخله الله الجنة برحمته إيّاهنّ». فقال رجل: واثنتان يا رسول الله؟! قال:«واثنتان». قال رجل: يا رسول الله! وواحدة؟ قال:«وواحدة». رواه الحاكم، وهذا قليل من كثير، أوصى به النبي الكريم عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم.
خاتمة: لا تزال آثار الجاهلية فاشية في كثير من بيوت المسلمين، فهناك رجال مسلمون يكرهون ذرية البنات، هؤلاء الذين يكرهون ولادة البنت، كما غفلوا كل الغفلة عن الرضا بقضاء الله وقدره، وعن الحكمة الإلهية التي تتجلى في قوله تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً} بلغ بأعداء الأنثى ولو كانت من بناتهم أنهم يؤثرون أخاها بما يملكون، ويحرمونها ممّا يتركون عن طريق تسجيل أملاكهم إلى الذكور خاصة.
ما أتعسه، وما أشد عذابه! كيف لم يجد من الأعمال التي يختم بها حياته إلا أن يظلم ابنته؟! وما ذنبها في أنها خلقت أنثى؟ وما أحقها برحمته وعطفه إن كان ممّن لهم ضمير يؤنب، أو دين يرشد! وما هي إلا خطوة واحدة إلى الدار الآخرة حتى يرى سوء ما عمل من هذا التفريق بين الأولاد، وحتى يرى من صنوف البلاء، وحتى يقول: {يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ}. وخذ ما يلي إن كنت ممّن يعقلون.
عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-: أن أمه عمرة بنت رواحة سألت زوجها بعض الموهبة من ماله لابنها النعمان، فلما أجابها قالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ما وهبت لابني، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: يا رسول الله! إن ابنة رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أكلّ ولدك نحلت مثله؟ قال: لا، قال: إذا لا أشهد على جور! اتّقوا الله واعدلوا بين أولادكم».
فلم يكن بشير، ولا زوجته يتوقعان: أن الرسول سينكر عملهما، وظنّ بشير: أنه مالك يتصرف في ماله كيف شاء، ولكن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيّن: أنه لا يجوز له أن يحابي بعض ولده بشيء من ماله؛ لأن ذلك يزرع الضغينة في قلوبهم، ويورث العداوة في أعقابهم. وقد شاهدنا ذلك في واقعنا، وحاضرنا نحن معشر المسلمين.
الإعراب:{يَتَوارى:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {أَحَدُهُمْ} والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المستتر في {كَظِيمٌ،} والرابط: الضمير فقط. {مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ:} كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما، وساغ ذلك لاختلاف معنى الحرفين، فإن الأول: للابتداء، والثاني: للعلة. و {سُوءِ} مضاف، و {ما:} اسم