للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرحبا به، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى، فسلمت عليه، فقال: مرحبا بك من أخ، ونبي.

فلما جاوزت؛ بكى، قيل: ما أبكاك؟ قال: يا رب هذا الغلام الذي بعث من بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل ما يدخل من أمتي. فأتينا السماء السابعة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد صلّى الله عليه وسلّم، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم عليه السّلام، فسلمت عليه، فقال: مرحبا بك من ابن، ونبي.

فرفع إليّ البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك؛ إذا خرجوا؛ لم يعودوا آخر ما عليهم. ورفعت إليّ سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كآذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان؛ ففي الجنّة، وأما الظاهران فالفرات، والنيل.

ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلت:

فرضت علي خمسون صلاة، قال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشدّ المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فاسأله (التخفيف) فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله فجعلها ثلاثين، ثم مثله فجعل عشرين، ثم مثله فجعل عشرا، فأتيت موسى، فقال: مثله فجعلها خمسا، فأتيت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسا، فقال: مثله، قلت: سلمت، فنودي: إني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشرا». انتهى. وفي رواية، قال الله تعالى: «يا محمد! هي خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة»؛ أي: في الأجر، والثواب.

هذا؛ ولم يذكر في هذه الرواية مجيئه إلى بيت المقدس، وفي رواية ثانية: فركبته-أي:

البراق-حتى أتيت بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط فيها الأنبياء، وصليت فيه ركعتين إماما بالأنبياء، والملائكة، وأرواح المؤمنين.

وهنا يرد سؤال: كيف صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بالأنبياء في بيت المقدس؟ ثم وجدهم على مراتبهم في السموات، وسلموا عليه، ورحّبوا به، وكيف تصح الصلاة من الأنبياء بعد الموت، وهم في الدار الآخرة.

والجواب: أما صلاته صلّى الله عليه وسلّم بالأنبياء في بيت المقدس؛ فيحتمل أن الله تعالى جمعهم له ليصلي بهم، وليعرفوا فضله، وتقدمه عليهم، ثم إن الله سبحانه وتعالى أراه إياهم في السموات على مراتبهم، ليعرف هو مراتبهم، وفضلهم. وأما صلاة الأنبياء، وهم في الدار الآخرة، فهم في حكم الشهداء، بل هم أفضل منهم، وقد قال الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ} فالأنبياء أحياء بعد الموت. وأما حكم صلاتهم، فيحتمل: أنها الذكر والدعاء، وذلك من أعمال الآخرة فإن الله تعالى قال: {دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ}. انتهى. خازن بتصرف كبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>