للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: وكل ذلك بالأرواح لا بالأشباح، فإن أرواح الأنبياء غير أرواحنا، ولمكانة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند ربه كشف عنه الحجب حتى التقت روحه الشريفة بأرواح الأنبياء عليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام في الأرض، وفي السموات.

تنبيه: لقد قيل: إن إسراء الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان مناما، وبالروح لا بالجسد، وهذا تردّه النصوص الصحيحة الصريحة: أنه كان يقظة، وبالجسد، والروح معا، ولو كان مناما لما كانت فيه آية، ولا معجزة، ولما قالت له أم هانئ بنت عمه-رضي الله عنها-لا تحدث الناس، فيكذبوك، ولا فضل أبو بكر-رضي الله عنه-بالتصديق، ولما أمكن قريشا التشنيع، والتكذيب، وقد كذبوه فيما أخبر به حتى ارتد أقوام كانوا آمنوا، فلو كان بالرؤيا؛ لم يستنكر، وقد سأله بعض القرشيين عن أمور رآها في مسراه، فأخبرهم بها على وجهها الصحيح، وإذا كان هناك من يشك في قدرة الله تعالى بسبب ذهاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى بيت المقدس، وعروجه إلى السماء، وعودته إلى بيته في ليلة واحدة، فلينظر إلى ما اخترع من طائرات نفاثة، وأقمار صناعية تجوب الفضاء ليلا نهارا، وتقطع المسافات البعيدة في مدّة قصيرة من الزمن.

وجملة القول: إن الإسراء قد ثبت بهذه الآية الكريمة، فمن أنكره كان كافرا بالإجماع، وأما المعراج فقد ثبت بالأحاديث الصحيحة، وآيات النجم تشير إليه، فمن أنكره كان فاسقا، بقي أن تعلم الوقت الذي حصلت فيه حادثة الإسراء، فالمعتمد: أنها حصلت قبل الهجرة بعام واحد، بعد وفاة خديجة-رضي الله عنها-التي كانت تواسيه بنفسها، وتنفس عنه كروبه، وهمومه.

الإعراب: {سُبْحانَ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، كما رأيت في الشرح. وقال أبو عبيدة:

انتصب على النداء، كأنه قال: يا سبحان الله، يا سبحان الذي. ولم يقله غيره.. وهو مضاف، و {الَّذِي} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة من إضافة اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافة اسم المصدر لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا. {أَسْرى} ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى الذي، وهو العائد، والجملة صلة الموصول، لا محل لها. {بِعَبْدِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{لَيْلاً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {مِنَ الْمَسْجِدِ:} متعلقان به أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر؛ أي: حال كونه مبتدئا مسراه من المسجد. {الْحَرامِ:} صفة {الْمَسْجِدِ}. {إِلَى الْمَسْجِدِ:} متعلقان به، أو هما متعلقان بمحذوف حال أيضا؛ أي: منتهيا إلى المسجد. {الْأَقْصَى:} صفة {الْمَسْجِدِ} مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف.

{الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ثانية. {بارَكْنا:} فعل، وفاعل.

{حَوْلَهُ:} ظرف مكان متعلق بما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {بارَكْنا حَوْلَهُ} صلة الموصول، لا محل لها. {لِنُرِيَهُ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل

<<  <  ج: ص:  >  >>